كتاب فتح المغيث بشرح ألفية الحديث (اسم الجزء: 3)

وُجِدَ الْمَحْذُورُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يُسْتَشْنَعُ، كَقَوْلِهِ فِي شَارِبِ الْخَمْرِ الَّذِي أُتِيَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ ثَمِلٌ فَقَالَ عُمَرُ: " أَخْزَاهُ اللَّهُ، مَا أَكْثَرَ مَا يُؤْتَى بِهِ " وَكَقَوْلِهِ: " اللَّهُ رَبِّي لَا أُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا ". بِأَنْ كَتَبَ " فَقَالَ " أَوْ " لَا " فِي آخِرِ سَطْرٍ، وَمَا بَعْدَهُ فِي أَوَّلِ آخَرَ ; كَانَتِ الْكَرَاهَةُ أَيْضًا، وَمَحَلُّهَا فِي ذَلِكَ كُلِّهِ (إِنْ يُنَافِ) بِالْفَصْلِ (مَا تَلَاهُ) مِنَ اللَّفْظِ كَالْأَمْثِلَةِ الْمَذْكُورَةِ.
فَأَمَّا إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي شَيْءٍ مِنْهُ بَعْدَ اسْمِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَوِ اسْمِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوِ اسْمِ الصَّحَابِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَا يُنَافِيهِ، بِأَنْ يَكُونَ الِاسْمُ آخِرَ الْكِتَابِ أَوْ آخِرَ الْحَدِيثِ، وَنَحْوَ ذَلِكَ، أَوْ يَكُونَ بَعْدَهُ شَيْءٌ مُلَائِمٌ لَهُ غَيْرُ مُنَافٍ، فَلَا بَأْسَ بِالْفَصْلِ، نَحْوَ قَوْلِهِ فِي آخِرِ الْبُخَارِيِّ (سُبْحَانَ اللَّهِ الْعَظِيمِ) فَإِنَّهُ إِذَا فَصَلَ بَيْنَ الْمُضَافِ وَالْمُضَافِ إِلَيْهِ كَانَ أَوَّلُ السَّطْرِ: اللَّهِ الْعَظِيمِ. وَلَا مُنَافَاةَ فِي ذَلِكَ، وَمَعَ هَذَا فَجَمْعُهُمَا فِي سَطْرٍ وَاحِدٍ أَوْلَى.
بَلْ صَرَّحَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ بِالْكَرَاهَةِ فِي فَصْلٍ مِثْلَ أَحَدَ عَشَرَ لِكَوْنِهِمَا بِمَنْزِلَةِ اسْمٍ وَاحِدٍ ; أَخْذًا مِنْ قَوْلِ النَّحَّاسِ فِي " صِنَاعَةِ الْكِتَابِ ": وَكَرِهُوا جَعْلَ بَعْضِ الْكَلِمَةِ فِي سَطْرٍ وَبَعْضِهَا فِي أَوَّلِ سَطْرٍ ; فَتَكُونُ مَفْصُولَةً.

[الْحَثُّ عَلَى كِتْبَةِ ثَنَاءَ اللَّهِ وَالصَّلَاةِ عَلَى نَبِيِّهِ]
(572) وَاكْتُبْ ثَنَاءَ اللَّهِ وَالتَّسْلِيمَا ... مَعَ الصَّلَاةِ لِلنَّبِيِّ تَعْظِيمَا

الصفحة 66