كتاب المعرفة والتاريخ (اسم الجزء: 3)

الْمَرْوَزِيُّ [1] عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَمَةَ الْأَفْطَسِ وَفَاتَحْنَاهُ فَقَالَ: يَكُونُ بِخُرَاسَانَ مَنْ يَسْمَعُ هَذَا الشَّأْنَ! وَانْبَسَطَ مَعَنَا فِي الْكَلَامِ فَقَالَ: اكْتُبَا هذه المسألة (278 ب) هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ الَّتِي كَذَبَ فِيهَا سُفْيَانُ وَفُلَانٌ لَنَظِيرٌ لِسُفْيَانَ. قَالَ إِسْحَاقُ: مَسْأَلَةٌ لِابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ [2] مُسَلْسَلٍ اخْتَصَرَهُ سُفْيَانُ، وَإِنَّمَا ذَكَرَ إِسْحَاقُ هَذَا لِيُبَيِّنَ بَلَاءَهُ وَقِلَّةَ وَرَعِهِ [3] .
سَمِعْتُ الْحُمَيْدِيَّ يَقُولُ: قَدِمَ عَلَيْنَا غُنْدَرٌ [4] وَالْأَفْطَسُ، وَنَزَلَ أحدهما قَرِيبًا مِنَ الْآخَرِ، فَذَهَبْتُ أَنَا وَالْحُوَيْطِيُّ وَأَصْحَابُنَا وإذا غندر حوله لفيف مِنْ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ فِي مَنْزِلِهِ الَّذِي نَزَلَ، وَالْأَفْطَسُ جَالِسٌ عَلَى دُكَّانٍ فِي الطَّرِيقِ مُقَابِلَ مَنْزِلِ غُنْدَرٍ وَاجْتَمَعْنَا إِلَيْهِ، فَجَعَلَ يَتَغَامَزُ، فَبَيْنَمَا نَحْنُ عَلَى ذَلِكَ إِذَا نَحْنُ بِغُنْدَرٍ مَعَهُ كِتَابٌ وَقَدْ وَثَبَ وَحَوْلَهُ أُولَئِكَ اللَّفِيفُ، وَكَانَ قرأ عليهم في كتابه فقال هذا يعطني الْكِتَابَ حَتَّى نَنْسَخَ، وَقَالَ آخَرُ لَا بَلْ يدفع اليّ، فاختلفوا فوثب وَالْكِتَابُ فِي يَدِهِ، وَقَدْ رَفَعَ الْكِتَابَ بِيَدِهِ وَأُولَئِكَ حَوْلَهُ يَصِيحُونَ وَقَدْ رَفَعَ غُنْدَرٌ يَدَهُ وَالْكِتَابُ بِيَدِهِ. قَالَ: فَنَظَرَ إِلَيْهِ الْأَفْطَسُ فَقَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَوْنٍ يَقُولُ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ سِيرِينَ يَقُولُ: هَذَا الْعِلْمُ دِينٌ فَانْظُرُوا عَمَّنْ تَأْخُذُونَ دِينَكُمْ- يُعَرِّضُ بِغُنْدَرٍ-.
قَالَ الْحُمَيْدِيُّ: فَسُبْحَانَ اللَّهِ الَّذِي رَفَعَ غُنْدَرًا وَذَهَبَ بِذِكْرِ الْأَفْطَسِ.
وَقَالَ الْحُمَيْدِيُّ: وَقَالَ فِيمَا يُخَاطِبُ بِهِ الْحُوَيْطِيَّ: يَا عَدُوَّ نَفْسِهِ لَمْ تَجِدْ إِنْسَانًا آخَرَ غَيْرَ [5] أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ تَضْرِبُ به الأمثال وتستخف به من
__________
[1] يريد أحمد بن حنبل.
[2] ابن أبي رباح.
[3] في الأصل «بلاءه وقلة ورعه» غير واضحة فاجتهدت في قراءتها هكذا، وانظر ترجمة الأفطس هذا في ميزان الاعتدال للذهبي 2/ 431.
[4] محمد بن جعفر.
[5] في الأصل «من» .

الصفحة 48