كتاب كشف المناهج والتناقيح في تخريج أحاديث المصابيح (اسم الجزء: 3)
قال النووي (¬1): ومن ادعى نسخًا أو غيره فقد غلط غلطًا فاحشًا، وكيف يصار إلى النسخ مع إمكان الجمع بين الأحاديث لو ثبت التاريخ، وأنى له بذلك، وفعله - صلى الله عليه وسلم - ذلك لبيان الجواز، وليس بمكروه في حقه، بل البيان واجب عليه - صلى الله عليه وسلم -، وقد بين بالفعل، فكيف يكون مكروهًا بخلاف غيره - صلى الله عليه وسلم - فإنه مكروه في حقه.
3415 - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل على رجل من الأنصار، ومعه صاحب له، فسلم، فرد الرجل، وهو يحوّل الماء في حائط، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إن كان عندك ماء بات في شنةٍ، وإلا كرعنا"، فقال: عندي ماءٌ بات في شن. فانطلق إلى العريش، فسكب في قدح ماءً، ثم حلب عليه من داجن، فشرب النبي - صلى الله عليه وسلم -، وشرب الرجل الذي جاء معه.
قلت: رواه البخاري في باب شرب اللبن بالماء وفي غيره، من حديث جابر ولم يخرجه مسلم. (¬2)
والشنّ والشنّة: القربة الخلقة وهي أشد تبريدًا للماء من الجدد، والجمع الشنان (¬3)، و"إلا كرعنا" أي شربنا الماء بأفواهنا من غير شرب بإناء ولا بكف، وسمي شرب البهائم كرعًا لأنها تدخل في الماء أكارعها.
والعريش: المسقف من البستان بالأغصان. وأكثر ما يكون في الكرم.
3416 - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "الذي يشرب في إناء الفضة، إنما يجرجر في بطنه نار جهنم".
قلت: رواه البخاري في الأشربة، ومسلم في اللباس، والنسائي في الوليمة وابن ماجه في الأشربة كلهم من حديث أم سلمة ترفعه. (¬4)
¬__________
(¬1) المنهاج (13/ 283 - 284).
(¬2) أخرجه البخاري (5613).
(¬3) انظر: النهاية لابن الأثير (2/ 506).
(¬4) أخرجه البخاري (5634)، ومسلم (2065)، وابن ماجه (3413)، والنسائي في الكبرى (6873).