كتاب الاستيعاب في بيان الأسباب (اسم الجزء: 3)

وتشتمه بأخبث ما تعلمه من الشتم؛ ففعل؛ فلم يزد النبي - صلى الله عليه وسلم - أن مسح وجهه من البصاق، ثم التفت إليه فقال: إن وجدتك خارجاً من جبال مكة أضرب عنقك صبراً".
فلما كان يوم بدر، وخرج أصحابه؛ أبى أن يخرج، فقال له أصحابه: أخرج معنا، قال: قد وعدني هذا الرجل إن وجدني خارجاً في جبال مكة أن يضرب عنقي صبراً، فقالوا: لك جمل أحمر لا يدرك، فلو كانت الهزيمة طرف عليه، فخرج معهم، فلما هزم الله المشركين، وحلَّ به جمله في جدد من الأرض؛ أخذه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أسيراً في سبعين من قريش، وقدم إليه أبو معيط فقال: تقتلني من بين هؤلاء؟ قال: "نعم؛ بما بصقت في وجهي"؛ فأنزل الله في أبي معيط: {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ} إلى قوله: {وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا} (¬1).
* عن السدي: {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَالَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا (27)}؛ قال: نزلت في عقبة بن أبي معيط، كان قد غشي مجلس النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهَمّ أن يسلم، فلقيه أمية بن خلف؛ فقال: يا عقبة! بلغني أنك قد صبوت فتبعت محمداً، فقال: فعلت، قال: فوجهي من وجهك حرام حتى تأتيه فتتفل في وجهه وتتبرأ منه؛ فيعلم قومك أنك عدو لمن عاداهم، وفرق عليهم جماعتهم، فأطاعه، فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فتفل في وجهه، وتبرأ منه، فاشتد ذلك على النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ- فيه، يخبر بما هو صائر إليه من الندامة وتبرؤه من خليله أمية بن خلف؛ فقال: {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَالَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا (27)} (¬2). [ضعيف جداً]
¬__________
(¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/ 250) ونسبه إلى ابن مردويه وأبي نعيم الأصبهاني في "الدلائل"، وقال: "بسند صحيح".
(¬2) أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (8/ 2685 رقم 15103) من طريق أسباط بن نصر عن السدي به.
قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ لإعضاله، وضعف أسباط.

الصفحة 14