كتاب الاستيعاب في بيان الأسباب (اسم الجزء: 3)

* عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-: أن ناساً من أهل الشرك قتلوا فأكثروا وزنوا فأكثروا، ثم أتوا محمداً - صلى الله عليه وسلم -، فقالوا: إن الذي تقول وتدعو لحسن، ولو تخبرنا أنَّ لِمَا عملنا كفارة؛ فنزل: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (68)}، ونزل: {قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ} [الزمر: 53] (¬1). [صحيح]
* عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-؛ قال: سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أي الأعمال أفضل؟ قال: "الصلوات لمواقيتهن"، قلت: ثم أي؟ قال: "بر الوالدين"، قلت: ثم أي؟ قال: "ثم الجهاد في سبيل الله"، ولو استزدته لزادني، وسألته: أي الذنب أعظم عند الله؟ قال: "الشرك بالله"، قلت: ثم أي؟ قال: "أن تقتل ولدك مخافة أن يطعم معك".
فما لبثنا إلا يسيراً حتى أنزل الله -تعالى-: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ} (¬2).
¬__________
= 7532)، ومسلم في "صحيحه" (رقم 86، 141، 142) وغيرهما من حديث ابن مسعود به.
(¬1) أخرجه البخاري في "صحيحه" (رقم 4810)، ومسلم في "صحيحه" (رقم 122/ 193).
وفي رواية للبخاري في "صحيحه" (رقم 4765)، ومسلم في "صحيحه" (رقم 3023/ 19)؛ أنه قال: نزلت هذه الآية بمكة: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ} إلى قوله: {مُهَانًا}، فقال المشركون: وما يغني عنا الإِسلام؛ وقد عدلنا بالله، وقد قتلنا النفس التي حرم الله، وأتينا الفواحش؟ فأنزل الله -عزَّ وجلّ-: {إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا} إلى آخر الآية. قال: فأما من دخل في الإِسلام وعقله ثم قتل؛ فلا توبة له.
وفي رواية للبخاري في "صحيحه" (رقم 4766)، ومسلم في "صحيحه" (رقم 3023/ 18) بلفظ: "نزلت في أهل الشرك".
(¬2) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/ 277) ونسبه لابن مردويه.

الصفحة 17