كتاب الاستيعاب في بيان الأسباب (اسم الجزء: 3)

* عن الزهري في قوله -تعالى-: {يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1)} [المدثر: 1]؛ قال: فتر الوحي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فترة، قال: وكان أول شيء أنزل عليه: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1)} حتى بلغ {مَا لَمْ يَعْلَمْ}، فلما فتر عنه الوحي؛ حزن حزناً شديداً؛ حتى جعل يغدو مراراً إلى رؤوس شواهق الجبال ليتردى منها، فكلما أوفى بذروة جبل؛ تبدّى له جبريل، فيقول: "إنك نبي الله حقاً"؛ فيسكن بذلك جأشه وترجع إليه نفسه (¬1). [ضعيف]
* عن أبي رجاء العطاردي؛ قال: أخذت من أبي موسى {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1)} وهي أول سورة أنزلت على محمد - صلى الله عليه وسلم -. وفي رواية قال: كان أبو موسى الأشعري يطوف علينا في هذا المسجد مسجد البصرة يقعد حلقاً، فكأني أنظر إليه بين بردين أبيضين يقرئني القرآن ومنه أخذت هذه السورة {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1)}، قال أبو رجاء: فكانت أول سورة أنزلت على محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (¬2). [صحيح]
¬__________
= أبو صالح ثني الليث بن سعد ثني عقيل عن الزهري عن محمد به.
قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد، وأما ما يخشى من ضعف أبي صالح عبد الله بن صالح؛ فإن الراوي عنه هو الفسوي، وهو من أهل الحذق والدراية؛ فهي من صحيح حديث عبد الله.
(¬1) أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (2/ 327) والبخاري في "صحيحه" (12) عن معمر عن الزهري به.
قلنا: وهذا مرسل رجاله ثقات رجال الصحيح.
(¬2) أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (10/ 542 رقم 10269، 14/ 88 رقم 17664)، والطبري في "جامع البيان" (30/ 162)، وأبو نعيم في "الحلية" (1/ 256، 257)، والحاكم (2/ 220) من طرق عن قرة بن خالد عن أبي رجاء به.
قلنا: وهذا سند صحيح؛ رجاله ثقات؛ لكنه مرسل، يوضح هذا الرواية الأخرى التي ذكرنا، لكن تقدم له شاهد من حديث عائشة؛ فالحديث بمجموعهما حسن -إن شاء الله- على أقل الأحوال، وسيأتي له شاهدان =

الصفحة 533