كتاب الاستيعاب في بيان الأسباب (اسم الجزء: 3)

بمكة، يقولون: الروم أهل كتاب وقد غلبتهم الفرس، وأنتم تزعمون أنكم ستغلبون بالكتاب الذي أنزل على نبيكم، فسنغلبكم كما غلبت فارس الروم؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {الم (1) غُلِبَتِ الرُّومُ (2) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (3) فِي بِضْعِ سِنِينَ}، قال ابن شهاب الزهري: فأخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود: أنه لما نزلت هاتان الآيتان؛ ناحب أبو بكر بعض المشركين قبل أن يُحَرَّمَ القمار على شيء، إن لم تغلب فارس في سبع سنين، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لِمَ فعلت؟ فكل ما دون العشر بضع"، وكان ظهور فارس على الروم في تسع سنين، ثم أظهر الله الروم على فارس زمن الحديبية؛ ففرح المسلمون بظهور أهل الكتاب (¬1). [ضعيف]
* عن قتادة: {الم (1) غُلِبَتِ الرُّومُ (2)}؛ قال: غلبهم أهل فارس على أدنى الشام {وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (3) فِي بِضْعِ سِنِينَ} الآية، قال: لما أنزل الله -عزّ وجلّ- هؤلاء الآيات، صدق المسلمون ربهم وعرفوا أن الروم ستظهر على أهل فارس، فاقتمروا هم والمشركون خمس قلائص، وأجلوا بينهم خمس سنين، قال: فولي قمار المسلمين أبو بكر -رضي الله عنه-، وولي قمار المشركين أُبيّ بن خلف، وذلك قبل أن ينهى عن القمار (في الأجل)، ولم يظهر الروم على فارس، فسأل المشركون قمارهم، فذكر ذلك أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: "لم يكونوا أحقاء أن يؤجلوا أجلاً دون العشر؛ فإن البضع ما بين الثلاث إلى العشر، فزايدوهم ومادّوهم في
¬__________
(¬1) أخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" (2/ 332، 333) من طريقين عن الليث بن سعد ثني عقيل عن الزهري به.
قلت: وهذا مرسل رجاله ثقات رجال الصحيح.
والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/ 481) وزاد نسبته لابن عبد الحكم في "فتوح مصر" وابن أبي حاتم وابن مردويه وابن عساكر.

الصفحة 55