كتاب السيرة النبوية كما جاءت في الأحاديث الصحيحة (اسم الجزء: 3)

وإن كنت قد وضعت الحرب فيما بيننا وبينهم، فافجرها واجعل موتتى فيها.
ففجر من ليلته فلم يرعهم (¬1) .. ومعهم في المسجد أهل خيمة من بني غفار إلا الدم يسيل إليهم.
فقالوا: يا أهل الخيمة .. ما هذا الدم الذي يأتينا من قبلكم؟ فإذا سعد جرحه يغذو (¬2) دمًا) (¬3) ولما (ثقل حولوه عند امرأة يقال لها "رفيدة"، وكانت تداوي الجرحى، فكان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا مر به يقول: كيف أمسيت؟
وإذا أصبح قال: كيف أصبحت؟ فيخبره.
حتى كانت الليلة التي نقله قومه فيها، فثقل، فاحتملوه، إلى بني عبد الأشهل إلى منازلهم، وجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما كان يسأل عنه، وقالوا: قد انطلقوا به.
فخرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وخرجنا معه، فأسرع المشى حتى تقطعت شسوع (¬4) نعالنا، وسقطت أرديتنا عن أعناقنا، فشكا ذلك إليه أصحابه:
يا رسول الله .. أتعبتنا في المشي.
فقال - صلى الله عليه وسلم -: إني أخاف أن تسبقنا الملائكة إليه فتغسله كما غسلت حنظلة. فانتهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى البيت وهو يغسل، وأمه تبكيه وهى تقول:
¬__________
(¬1) يفزعهم.
(¬2) يسيل بشكل متواصل.
(¬3) حديث صحيح رواه البخاري (4122) وتابع شيخه ابن سعد (3/ 849) واللفظ له.
(¬4) سيور النعال التى تمسك النعال بالأصابع.

الصفحة 130