كتاب السيرة النبوية كما جاءت في الأحاديث الصحيحة (اسم الجزء: 3)

على الحالة التي دخلت فاطمة عليها وهو بها. فأذن لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقالت: يا رسول الله .. إن أزواجك أرسلنني إليك، يسألنك العدل في ابنة أبي قحافة، ثم وقعت بي، فاستطالت عليّ "فرفعت صوتها حتى تناولت عائشة وهي قاعدة، فسبّتها".
وأنا أرقب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأرقب طرفه، وهل يأذن لي فيها.
فلم تبرح زينب "حتى إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لينظر إلى عائشة: هل تكلم؟ ".
حتى عرفت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يكره أن أنتصر.
"فتكلمت عائشة ترد على زينب حتى أسكتتها"، قالت: فلما وقعت بها لم أنشبها حين أنحيت عليها [أن أثخنتها غلبة] "فنظر النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى عائشة".
فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتبسّم: إنها ابنة أبي بكر) (¬1)، وقد انتصرت وانتصر حزبها .. لأنها لم تفعل ما يجرح شعورهن رضي الله عنهن .. لكنهن يطالبن النبي - صلى الله عليه وسلم - بالعدل وهو عادل إلَّا في شيء واحد لا يستطيع التحكّم فيه .. وهو قلبه .. فهو بشر كبقية البشر لديه ما لديهم من الأحاسيس والمشاعر والميول .. ولم يكن - صلى الله عليه وسلم - يتدخّل في كل ما يحدث بين زوجاته من أمور طبيعية تحدث عادة بين النساء عند زوج واحد .. إلَّا إذا تجاوزت إحداهن الحد .. عندها يحكم - صلى الله عليه وسلم - بالعدل ويقوم بفضّ الاشتباك.
رضي حزب أم سلمة بمكانة عائشة .. بل قدم تنازلات أكثر ليحظى بحب الله ورسوله .. فبدلًا من أن يطالب حزب أم سلمة مرة أخرى بأن
¬__________
(¬1) حديث صحيح رواه مسلم وما بين المعقوفين له .. والزوائد للبخاري (2581).

الصفحة 68