كتاب دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين (اسم الجزء: 5-6)

عادتهم في ذلك (يا محمد) ويحتمل أن يكون قبل تحريم ندائه باسمه (مر لي من مال الله الذي عندك) زاد البيهقي في روايته «فإنك لا تحمل من مالك ولا من مال أبيك، فسكت النبي ثم قال: المال مال الله وأنا عبده» (فالتفت إليه فضحك) أي من قوله المنبىء بشأنه فشأن الإنسان دليل عقله (ثم أمر له بعطاء) العطاء عبارة عما يجتمع من الأموال من فىء أو غنيمة وخراج وتركة من لا وارث له، والمراد هنا أمر له بشيء من ذلك، وقد جاء أنه حمل له على بعير شعيراً وعلى الآخر تمراً ذكره في الشفاء، وهذا فيه مزيد حسن خلقه، فإنه عفا عن جنايته عليه بجبذه وإيلامه بحاشية ذلك البرد حتى أثر في عاتقه، وزاد على العفو بالبشر الذي هو كما قال من قال:

بشاشة وجه المرء خير من القرى
فكيف بمن يعطي القرى وهو يضحك
ويبذل الإحسان (متفق عليه) .
4646 - (وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: كأني أنظر) أي الآن (إلى رسول الله) وعبر بما ذكره إيماء إلى استحضاره فكأنه يخبر عن معاين، وقوله (يحكى نبياً من الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم) جملة حالية من رسول الله، وقوله (ضربه قومه فأدموه) أي أجروا دمه بالجراحات (وهو يمسح الدم) عن وجهه جملة حالية، إما من الضمير البارز في فأدموه لكونه أقرب فيكون حالاً متداخلة إن أعربت الجملة المعطوف عليها حالاً أو من نبياً (ويقول) في تلك الحالة المثيرة للغضب المقتضية للانتقام بعد عفوه عنهم زيادة في الفضل (اللهم اغفر لقومي) أي ما صنعوه معي من الضرب والإدماء، وقوله (فإنهم لا يعلمون) كالتعليل لسؤال المغفرة لهم: أي ما أوقعهم في ذلك إلا جهلهم بقدر النبي وعدم

الصفحة 104