كتاب دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين (اسم الجزء: 5-6)

على الشك (وقد سترت سهوة لي بقرام) جملة حالية من رسول الله والسهوة بفتح السين المهملة وسكون الهاء سيأتي معناه ومعنى القرام «فيه تماثيل» جملة صفة القرام أو الظرف صفة وتماثيل فاعله، والتماثيل بمثناة ثم مثلثة جمع تمثال وهي الشيء المصرّر أعم من أن يكون شاخصاً، أو يكون نقشاً أو دهاناً أو نسجاً في ثوب (فلما رآه رسول الله) هتكه: أي نزعه، وفي رواية البخاري عن عائشة «فأمرني أن أنزعه فنزعته» (وتلوّن وجهه) أي تغير من غضبه لله سبحانه (وقال: يا عائشة أشد الناس عذاباً عند الله يوم القيامة) ظرف لأشد، وقوله (الذين يضاهون بخلق الله) خبر أشد: أي الذين يشبهون ما يصنعونه بما يصنعه الله. وقد استشكل كون المصور أشد عذاباً من قوله تعالى: {أدخلوا آل فرعون أشد العذاب} فإنه يقتضي كون المصوِّر أشد عذاباً من آل فرعون. وأجاب الطبري بأنه محمول على من يصوّر ما يعبد من دون الله وهو عارف بذلك قاصد له فإنه يكفر بذلك. وأجاب غيره بأن الرواية بإثبات «من ثابتة ويحذفها محمولة عليها: أي إن المصورين من أشد الناس عذاباً. وقال أبو الوليد بن رشد: إن كان الحديث في حق كافر فلا إشكال فيه لأنه يكون مشتركاً في ذلك مع آل فرعون ويكون فيه دلالة على عظم كفر المذكورين، وإن كان ورد في حق عاص فيكون المراد أشد عذاباً من غيره من العصاة ويكون دالاً على عظم المعصية المذكورة. وأجاب القرطبي في المفهم بأن الناس إذا أضيف إليه أشد لا يراد به كلهم بل البعض، وهو من يشارك في المعنى المتوعد عليه بالعذاب، ففرعون أشد الناس الذين ادعوا الألوهية عذاباً ومن يقتدي به في ضلالة كفره أشد عذاباً ممن يقتدي به في ضلالة فسقه. ومن صوّر صورة ذات روح للعبادة أشد ممن يصورها لا
للعبادة. واستشكل ظاهر الحديث أيضاً إبليس وابن آدم الذي سنّ القتل. ويجاب بأن المراد من الحديث من ينسب إلى آدم فخرج إبليس، وأما ابن آدم فالثابت في حقه أن عليه أوزار من يقتل ظلماً، ولا منع أن يشاركه في مثل تعذيبه من ابتدأ الزنى مثلاً فإن عليه مثل أوزار الزناة بعده، لأنه أوّل من سن ذلك، ولعل عدد الزناة أكثر من القاتلين (متفق عليه) أخرجه البخاري ومسلم في اللباس من صحيحيهما وأخرجه النسائي في الزينة (السهوة) بضبطها السابق (كالصفة تكون بين يدي البيت) وقيل الكوة وقيل الرف، وقيل أن يبني من البيت حائط صغير ويجعل السقف على الجميع، فما كان وسط

الصفحة 110