كتاب دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين (اسم الجزء: 5-6)

الوصية لا يختص بالمريض، وخبر «ما» هو المستثنى كذا نقل الطيبى والكرماني، وفيه أن الرواية بإثبات الواو في المستثنى وهي لا تدخل الخبر. ويؤخذ عن إعراب ابن مالك لرواية مسلم الآلي أنّ يبيت خبر ما: أي من غير تقدير قبلها. قال ابن عبد البر: والوصف بالمسلم خرج مخرج الغالب فلا مفهوم له، أو ذكر تهييجاً للمبادرة لامتثال مضمونه لإشعاره بنفي إسلام تاركها، ووصية الكافر جائزة في الجملة (ليلتين) كذا لأكثر الرواة، ولأبي عوانة والبيهقي من طريق حماد بن زيد «يبيت ليلة أو ليلتين» وسيأتي ما عند مسلم، وكأن ذكر الليلتين والثلاث لرفع الحرج لتزاحم أشغال المرء التي لا بد له منها ففسح له بهذا القدر ليتذكر ما يحتاج إليه، واختلاف الروايات دال على أنه للتقريب لا للتحديد، والمعنى: لا يمضي عليه زمان وإن كان قليلا (إلا ووصيته مكتوبة عنده) أي مشهود بها لأن الغالب في كتابتها الشهود، ولأن أكثر الناس لا يحسن الكتابة فلا دليل فيه على اعتماد الخط (متفق عليه) رواه البخاري ومسلم في الوصايا وفي «الجامع الصغير» ، ورواه مالك
والأربعة من حديث ابن عمر (هذا لفظ البخاري) في أول كتاب الوصايا من «صحيحه» (وفي رواية لمسلم يبيت ثلاث ليال) كأن التقييد بالثلاث غاية التأخير، ولذا قال ابن عمر: ما مرّت علىّ ليلة إلى آخر ما يأتي، وفي رواية لمسلم «ما حق امرىء مسلم تمر عليه ثلاث ليال إلا عنده وصيته» قال ابن مالك في شرح «المشارق» : ما نافية وتمر خبره. والجمهور على استحباب الوصية لأنه جعلها حقا للمسلم لا عليه، ولو وجبت لكانت عليه لا له، وهو خلاف ما يدل عليه اللفظ، وهذا في الوصية المتبرّع بها، أما الوصية بأداء الدين ورد الأمانات فواجبة (قال ابن عمر) وكان دأبه الاقتداء والاقتفاء (ما مرت عليّ ليلة منذ) أي من زمن (سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال ذلك إلا وعندي وصيتي) أخذا بالأحوط ومسارعة لما حرّض الشارع إلى فعله.

3576 - (وعن أنس رضي الله عنه قال: خطّ النبيّ خطوطا) يحتمل أن يكون على الكيفية

الصفحة 12