كتاب دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين (اسم الجزء: 5-6)

لتجتمع كلمة المسلمين فإن الخلاف سبب لفساد أحوال الدين والدنيا قاله المصنف (وتحريم طاعاتهم) أي طاعة كل منهم (في المعصية) دخل في شق الوجوب الواجب والمندوب والمباح والمكروه فتجب طاعة أمر ولي الأمر به والثاني قاصر على المحرم صغيرة كانت أو كبيرة.
(قال الله تعالى) : ( {يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول} ) ذكر طاعته تعالى تشريفاً لرسوله وإيماء إلى طاعة الرسول طاعة له ( {وأولي الأمر منكم} ) ولعل حكمة إعادة العامل في المعطوف الأول دون الثاني الإيماء إلى مزيد الاهتمام بطاعته والانقياد لأمره لأن ذلك علامة الإيمان قال تعالى {فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم} () الآية. وطاعة ولاة الأمور وإن كانت واجبة أيضاً للآية ولغيرها إلا أنها ليس الإخلال بها مخلا بالإيمان، والله أعلم.
1663 - (وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبيّ قال: على المرء المسلم) أي يجب عليه (السمع والطاعة) أي القبول والانقياد لقول ولي الأمر (فيما أحب) المرء إن كان موافقاً لمراد المأمور أيضاً (وكره) بأن كان مخالفاً لمراده والعائد محذوف إن كانت ما موصولاً إسمياً، فإن أعربتها مصدرية فلا خلاف في حبه وكراهيته والمصدر بمعنى اسم المفعول (إلا أن يؤمر بمعصية) كقتل محترم (فإن أمر بمعصية) أتى به ظاهراً والمقام للضمير زيادة في الإيضاح ورفع الإلباس وبنى الفعل للمجهول ليعم كل آمر من ولي أمر أبوين وغيرهم (فلا سمع ولا طاعة) لبناء الاسمين اشتغراقاً لأفراد كل منهما أي فلا يطلب شيء من هذين حينئذ بوجه بل يحرم ذلك على من كان قادراً على الامتناع وهو نفي بمعنى الخبر أي فلا تسمعوا ولا تطيعوا وهو أبلغ كأنه امتثل وانتفى ما أمر بتركه فأخبر عنه بما يحبر به عن المنفي

الصفحة 126