كتاب دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين (اسم الجزء: 5-6)

ضمير شأن لأنه كلام يتضمن تحذيراً وتعظيماً وتقديم ضمير الشأن مؤكد لمعناه، قال الحافظ: ولا يخفى تكلفه (ومواقع القطر) أي الغيث ومواقعه هي مواضع الكلأ (والغيث) لأن المطر إذا أصاب الأرض أعشبت (يفر بدينه من الفتن) قال الكرماني: جملة حالية من الضمير المستكن في يتبع أو المسلم إذا جوّزنا الحال من المضاف إليه فقد وجد شرطه وهي شدة الملابسة فكأنه جزؤه. ويجوز أن تكون استئنافية وهو واضح اهـ (رواه البخاري) في الإيمان وفي الجزية والفتن ورواه أبو داود في الفتن، ورواه النسائي في الإيمان، وابن ماجه في الفتن (وشعف الجبال) بفتح الشين المعجمة والمهملة بعدها فاء جمع شعفة كأكم وأكمة وجمعها شعاف (أعلاها) قال الحافظ: والماء والمرعى يكون فيها ولا سيما في بلاد الحجاز. والخبر دالّ على فضيلة العزلة لمن خاف على دينه.
4600 - (وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي قال: ما بعث الله نبياً) يحتمل أن يكون المراد من النبي مطلق من أوحى إليه بشرع سواء أمر بتبليغه أو لا، فيفسر البعث بالإيحاء، ويحتمل أن المراد منه الرسول من إطلاق العام مراداً به الخاص وقرينته قوله بعث: أي أرسل (إلا رعى) وفي نسخة من البخاري راعي بصيغة اسم الفاعل (الغنم) وذلك ليتمرّنوا برعيها على ما سيكلفون من القيام بأمر الأمة ولأن في مخالطتها يحصل الحلم والشفقة لأنهم إذا صبروا على رعيها، وجمعها بعد تفريقها في المرعى، ونقلها من مسرح إلى آخر، ودفع غدرها من سبع وغيره كالسارق، وعلموا اختلاف طباعها وشدة تفرقها مع ضعفها واحتياجها إلى المعاهدة، ألفوا من ذلك الصبر على الأمة، وعرفوا اختلاف طباعها وتفاوت عقولها، فجبروا كسرها ورفقوا بضعفائها وأحسنوا التعاهد لها فيكون تحملهم لمشقة ذلك أسهل مما لو كلفوا القيام بذلك من أول وهلة لما يحصل لهم من التدريج على ذلك برعى الغنم، وخضت الغنم بذلك لكونها أضعف من غيرها فهي أسرع انقياداً من غيرها (فقال أصحابه: وأنت) بحذف همزة الاستفهام: أي وأنت أيضاً رعيتها (فقال نعم) ذكره لذلك بعد علم

الصفحة 44