كتاب دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين (اسم الجزء: 5-6)

كونه أكرم خلق الله على الله من عظيم تواضعه لربه، وفيه اعتراف بمنة الله سبحانه، وفيه التحريض للأمة على سلوك ذلك (كنت أرعاها على قراريط لأهل مكة) قيل المراد بالقيراط هنا جزء من الدينار والدرهم، وقال إبراهيم الجرمي: قراريط اسم مرعى بمكة ولم يرد القراريط من الفضة، وصوّبه ابن الجوزى تبعاً لابن ناصر وخطأ الأول، لكن رجح الأول آخرون بأنه لا يعرف أهل مكة بها محلاً يقال له القراريط (رواه البخاري) في الإجارة من صحيحه، ورواه ابن ماجه في الإجارة من «سننه» .
5601 - (وعنه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: من خير معاش) والمراد: أي عيش به الحياة (الناس لهم) قال المصنف: أي من خير أحوال عيشهم (رجل) هو على تقدير مضاف: أي معاش رجل فحذف وأقيم المضاف إليه مقامه فارتفع (ممسك عنان) بكسر المهملة وبالنونين الخفيفتين (فرسه في سبيل الله) حال من رجل لتخصيصه بالوصف أو وصف له، والمراد به جهاد الكفار، وقوله (يطير على متنه) يجوز فيه الوجهان (كلما) ظرف لقوله طار أي في وقت (سمع هيعة) بفتح الهاء والعين المهملة وسكون التحتية بينهما (أو) يحتمل أن تكون شكاً من الراوي ويقرّ به قول المصنف الآتي: والفزعة نحوه، ويحتمل أنها للتنويع بناء على ما سيأتي ثمة من الفرق بينهما (فزعة) بفتح الفاء والمهملة وسكون الزاي بينهما (طار عليه) أي على فرسه وهو كما في «المصباح» يطلق على الذكر والأنثى من الخيل (يبتغي القتل) أي من الكفار له (أو الموت) أي حتف أنفه (مظانه) أي فيما يظن وجوده فيه: أي يطلب ذلك في مواطنه التي يرجى فيها لشدة رغبته في الشهادة. وفيه فضيلة الموت في سبيل الله وإن لم يقتله العدوّ، وجملة يبتغي الخ مستأنفة أتى بها لبيان سبب ملازمته عنان فرسه: أي الحامل له على ذلك مزيد رغبته في الشهادة وإعلاء كلمة الله سبحانه (أو) للتنويع ويحتمل كونها بمعنى الواو فإن كلاً منهما عيشه محمود آخره (رجل في غنيمة) بضم الغين المعجمة وفتح النون وسكون التحتية والتصغير للتقليل إيماء إلى الإعراض عن الاستكثار من الدنيا والاقتصار على ما تدعو إليه الحاجة (في رأس شعفة من هذه الشعف)

الصفحة 45