كتاب دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين (اسم الجزء: 5-6)

به تعالى على سبيل الكفاية على الوجه الأبلغ ( {وما تدري نفس بأيّ أرض تموت} ) وإذا كان هذا شأنها فيما هو أخص الأشياء بها فكيف هي بمعرفة ما عداهما.
(وقال تعالى) : ( {فإذا جاء أجلهم} ) أي وقت انقضاء عمرهم ( {لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون} ) أي لا يستمهلون لحظة.
(وقال تعالى) : ( {يا أيها الذين آمنوا لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله} ) الصلوات الخمس وسائر العبادات، والمراد نهيهم عن اللهو بها ( {ومن يفعل ذلك} ) أي الشغل عن ذكر الله بالمال والولد ( {فأولئك هم الخاسرون} ) حيث آثروا العاجل على الآجل والفاني على الباقي ( {وأنفقوا مما رزقناكم} ) المراد كما قال جمهور المتأولين: الزكاة، وقيل: هو عام في كل مفروض ومندوب ( {من قبل أن يأتي أحدكم الموت} ) أي علامته وأوائل أمره ( {فيقول ربّ لولا أخرتني} ) أي أمهلتني وهو طلب الكرّة والإمهال ( {إلى أجل قريب} ) أي زمن يسير آخر، قال ابن عطية: سماه قريبا لأنه آت أو لأنه إنما تمناه ليقضي فيه العمل الصالح فقط، وليس يتسع الأمل حينئذ لطلب العيش ونضرته (فأصدّق) أي أتصدق وهو منصوب في جواب الطلب ( {وأكن من الصالحين} ) بالتدارك، وكل مفرّط يندم عند الاحتضار ويسأل الإمهال للتدارك، وقرأ الجمهور أكن بالجزم. قال الزمخشري: عطف على محل فأصدق، كأنه قيل: إن أخرتني أصدق وأكن، هذا مذهب أبي علي الفارسي. وأما ما حكاه سيبويه عن الخليل، فهو غير هذا، وهو أنه جزم أكن على توهم الشرط الذي يدل على التمني، ولا موضع هنا لأنه الشرط ليس بظاهر، وإنما يعطف على الموضع حيث يظهر الشرط كقوله: «من يضلل الله فلا هادي له ويذرهم» فيمن جزم ويذر عطف على موضع «فلا هادي له» لأنه لو وقع هنالك فعل كان مجزوماً. والفرق بين العطف على الموضع والعطف على التوهم مفقود وأثره موجود دون مؤثره اهـ ( {ولن يؤخر الله إذا نفساً إذا جاء أجلها} ) حض على المبادرة والمسابقة للأجل بالعمل الصالح ( {والله خبير بما تعلمون} ) قرىء بالفوقية وعد وبالتحتية

الصفحة 6