كتاب دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين (اسم الجزء: 5-6)

الدار الآخرة ( {نجعلها} ) إما خبر تلك والدار صفة أو الدار خبره، والجملة استئناف أو خبر بعد خبر ( {للذين} ) أو حال من الدار والعامل فيها ما في تلك من معنى الإشارة ( {لا يريدون علواً} ) كبراً أو استكباراً ( {في الأرض} ) يحتمل أن يكون مستقراً على أنه صفة لما قبله، ويحتمل أن يكون لغواً متعلقاً به ( {ولا فساداً} ) عملاً بالمعاصي أو دعوة الخلق إلى الشرك ( {والعاقبة} ) الحسنى ( {للمتقين} ) عن معاصيه (وقال تعالى) : ( {ولا تمش في الأرض مرحاً} ) بفتح أوليه عند الجمهور وسيأتي معناه في الأصل وهو مصدر في موضع الحال أي مرحاً أو ذا مرح أو مفعول له. قلت: فيكون كقوله تعالى: {ولا تكونوا كالذين خرجوا من ديارهم بطراً ورئاء الناس} (الأنفال: 47) ويجوز أن يكون مفعولاً من معناه مطلقاً عامله: أي لا تمرح مرحاً وقرىء بكسر الراء منصوب على الحال، وفضل أبو الحسن المصدر على اسم الحال لما فيه من التأكيد: أي والمبالغة، ولم يظهر حكمة إيراد هذه الآية مع أنها من جملة التي بعدها، ولعل المصنف كتبها قبل استحضار ما بعدها ثم رأى إبقاءها وإن اشتمل ما بعدها عليها تأكيداً في النهي عن ذلك بذكر ما فيه النهي عنه المرة بعد الأخرى (وقال تعالى) : ( {ولا تصعر خدك
للناس} ) كما يفعله المتكبر أي تعرض وجهك عنهم إذا حدثوك تكبراً ( {ولا تمش في الأرض مرحاً إن الله لا يحب} ) أي لا يوافق ( {كل مختال فخور} ) ذي خيلاء أي تكبر يفخر على الناس ولا يتواضع لهم. وقوله إن الله الخ مستأنفة على النهي (ومعنى تصعر خدك) برفع تصعر كما يومىء إليه قوله (أي تميله) إذ لو كان المفسر مجزوماً لكان المفسر كذلك لأن ما بعد أي عطف بيان لما قبله أو بدل منه والمراد تميله عن مخاطبك (وتعرض عن الناس) حال خطابهم لك (تكبراً عليهم) مفعول له بخلاف ما إذا به كانت الإمالة والإعراض عن الناس المخاطبين تأديباً لهم لكونهم وقعوا في منكر أو تركوا معروفاً

الصفحة 63