كتاب دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين (اسم الجزء: 5-6)

حديث «الدين النصيحة» أي معظمه، ويدل له ما أخرجه الترمذي والنسائي عن زيد بن أرقم مرفوعاً «من لم يأخذ من شاربه فليس منا» وورد مثله في عدم حلق العانة وتقليم الأظفار، وساغ الابتداء بخمس على الرواية الثانية لكونها صفة لموصوف محذوف تقديره خصال خمس أو مضافة لمحذوف، والتقدير خمس خصال، أو الجملة خبر مبتدإ محذوف تقديره: المشروع لكم خمس من الفطرة، وأما الرواية الأولى فالقدير: خصال الفطرة خمس، فحذف المضاف، قاله في غاية الأحكام. وفي قوله والجملة خبر مبتدإ محذوف الخ ما لا يخفي، وليس المراد بالسنة المفسر بها لفطرة هنا ما يقابل الواجب بل المراد الطريقة، كما جزم به جماعة من الأئمة منهم أبو حامد والماوردي، إذ منها الخنان وهو واجب عندنا، والمضمضة والاستنشاق وهما واجبان عند بعض الأئمة (الختان) بكسر الخاء المعجمة وتخفيف الفوقية مصدر ختن بفتحات: أي قطع، وكان قياس مصدره ختنا بسكون الفوقية وهو قطع جزء مخصوص (والاستحداد) أي استعمال الحديد لحلق شعر العانة وتنظيف محلها، وهو الشعر الذي حول كل من ذكر الذكر وفرج المرأة كما سيأتي (وتقليم الأظفار) تفعيل من القلم وهو القطع، يقال قلمت ظفري بتخفيف اللام وتشديدها للتكثير والمبالغة، والأظفار جمع ظفر بضم الظاء المعجمة والفاء وبسكون الفاء. وحكى كسرها وكسر أوليه، وأنكره انب سيده، وحكي أيضاً أظفور بوزن عصفور، والمراد قطع ما طال عن اللحم من الظفر لأن الوسخ يجتمع فيه
فيستقذر، وربما منع وصول الماء إلى ما يجب غسله في الطهارة. وفي ترتيب قصها أوجه أشهرها: يبدا بمسبحة اليد اليمنى فالوسطى إلى الخنصر ويختم بإبهامها ثم بخنصر اليسرى إلى إبهامها، ويبدأ في الرجل اليمنى بإبهامها إلى الخنصر وفي اليسرى من خنصرها إلى الإبهام (ونتف الإبط) أي نتف شعره النابت فيه وهو سنة اتفاقاً كما قاله المصنف، ويستحب أن يبدأ باليمين وأن يتولاه بنفسه، ولو حلقه أو أزاله بالنورة جاز لحصول المقصود. وقال ابن دقيق العيد: من نظر إلى اللفظ وقف مع النتف، ومن نظر إلى المعنى أجازه بكل مزيل، لكن يظهر أن النتف مقصود لما فيه من إضعاف الشعر وبذلك تضعف الرائحة، والإبط تذكر وتؤنث، ويقال تأبط الشيء: إذا وضعه تحت إبطه (وقص الشارب) وهو الشعر النابت على الشفة العليا، وقيل الإطار بكسر الهمزة وبالطاء المهملة وهو الذي يباشر به المشروب. والحكمة في قصه مخالفة المجوس كما ورد في الحديث أو النظافة والأمن من التشويش عند الأكل ومن بقاء زهومة المأكول فيه. وقال ابن العربي: يشرع القص لأن الماء النازل من الأنف يتلبد به الشعر لما فهي من اللروجة فتعسر إزالته عند غسله

الصفحة 663