كتاب دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين (اسم الجزء: 5-6)

نحن فيه عند النفخة.
والآية الثانية بعد المحاسبة، أو دخول أهل الجنة. هذا وعن عمر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول «كل سبب ونسب ينقطع يوم القيامة إلا سببي ونسبي» ( {فمن ثقلت موازينه} ) بأن تكون له عقائد وأعمال صالحة تثقل ميزانه (فأولئك هم المفلحون) الفائزون بالنجاة والدرجات ( {ومن خفت موازينه} ) بأن لا عقائد ولا أعمال صالحة تثقل ميزانه ( {فأولئك الذين خسروا أنفسهم} ) حيث أبطلو استعدادها، وجمع الموازين من حيث أن الموزون جمع وهي أعمال. ومعنى الوزن: إقامة الحجة على العباد وإظهار للعدل بالمحسوس على عادتهم وعرفهم. وفي وزن الكافر وجهان: قيل يوضع كفره في كفة فلا يوجد شيء يعادله في الكفة الأخرى. وقيل بأن يوضع في الثانية ماله من عمل صالح من صلة رحم ووجه برّ فيخف عمله (
{في جهنم خالدون} ) بدل من خسروا أنفسهم ولا محل له، لأن المبدل منه وهو الصلة لا محل له، أو خبر بعد خبر لأولئك، أو خبر مبتدإ محذوف: أي متعلق الظرف بدل من الصلة وهو من بدل المطابق كما في «النهر» ، قال: وأجاز أبو البقاء أن يكون الذين نعت أولئك وخبر أولئك في جهنم، والظاهر أنه خبر أولئك لا نعته وخالدون خبر ثان وفي جهنم متعلق به ( {تلفح} ) تحذف ( {وجوههم النار وهم فيها كالحون} ) أي عابسون وهو تقلص الشفتين من الإنسان، وخص الوجه باللفح لأنه أشرف ما في الإنسان، والإنسان أحفظ له من الآفات من غيره من الأعضاء، فإذا لفح فغيره ملفوح، ولما ذكر اللفح ذكر الكلوح المختص ببعض الأعضاء وهو الوجه فتتقلص الشفة العليا حتى تبلغ الرأس وتسترخى الشفة السفلى حتى تبلغ السرّة كما جاء ذلك في حديث مرفوع عند الترمذي وقال: إنه حسن صحيح ( {ألم تكن آياتي تتلى عليكم} ) أي يقال لهم ذلك ( {فكنتم بها تكذبون. قالوا ربنا غلبت علينا شقوتنا} ) الشقاوة: سوء العاقبة ( {وكنا قوماً ضالين} ) عن الهدى ( {ربنا أخرجنا منها فإن عدنا} ) لما تكره ( {فإنا ظالمون. قال اخسئوا فيها} ) أي ذلوا وانزجروا كما تنزجر الكلاب ( {ولا تكلمون} ) في رفع العذاب أو لا تكلمون رأساً. وعن بعض السلف أنه لم يكن لهم بعد ذلك إلا زفير وشهيق وعواء كالكلاب ( {إنه} ) أي الشأن ( {كان فريق من عبادي يقولون. ربنا آمنا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الراحمين} ) قال ابن عطية: والفريق المشار إليه هم المستضعفون من المؤمنين، وهي وإن نزلت في شأن الكفار من قريش مع صهيب وبلال وعمار ونظرائهم إلا أن نظراءهم في ذلك مثلهم (فاتخذتموهم سخريا) بكسر

الصفحة 8