كتاب دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين (اسم الجزء: 5-6)

صديق شفيق ( {وما يلقاها إلا الذين صبروا} ) على مخالفة النفس ( {وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم} ) من كمال النفس ( {وقال تعالى ولمن صبر} ) على الأذى ( {وغفر} ) ولم ينتصر ( {إن ذلك} ) إشارة إلى صبره لا إلى مطلق الصبر فلا يحتاج إلى تقدير ضمير ( {لمن عزم الأمور} ) أي الأمور المشكورة المحمودة المعزوم عليها.
1632 - (وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأشج) بالشين المعجمة (عبد القيس) واسمه المنذر بن عاذل بالذال المعجمة العصري بفتح المهملتين، قال المصنف: هذا الصحيح الذي قاله ابن عبد البرّ والأكثرون أو الكثيرون، وقال الكلبي: اسمه المنذر بن الحارث بن زياد بن عصر بن عوف، وقيل المنذر بن عامر، وقيل ابن عبيد، وقيل اسمه عائذ بن المنذر، وقيل عبد الله بن عوف (إن فيك خصلتين يحبهما الله) أي يرضاهما ويثني على فاعلهما ويثيبه (الحلم) قال المصنف: هو العقل. وفي النهاية: الحلم بالكسر الأناة والتثبت في الأمور وذلك من شأن العقلاء اهـ. ففيه إيماء إلى أن تفسيره بالعقل بمعنى كونه ينشأ عنه لا أنه مدلوله ولا يخالف ما تقدم عن «المصباح» (والأناة) التثبت وترك العجلة وهي مقصورة، وسبب قول النبيّ له ذلك ما جاء في حديث الوفد «أنهم لما وصلوا المدينة بادروا إلى النبيّ، وأقام الأشج عند رحالهم فجمعها وعقل ناقته وليس أحسن ثيابه، ثم أقبل إلى النبيّ، فقرّبه النبي فأجلسه إلى جانبه ثم قال لهم النبيّ: تبايعوني على أنفسكم وقومكم، فقال القوم: نعم، فقال الأشج: يا رسول الله إنك لم تزاول الرجل على شيء أشد عليه من دينه، نبايعك على أنفسنا وترسل من يدعوهم، فمن اتبعنا كان منا ومن أبى قاتلناه، قال: صدقت إن فيك خصلتين يحبهما الله» الحديث، قال القاضي عياض: فالأناة تربصه حتى نظر في مصالحه ولم يعجل، والحلم هذا القول الذي قاله الدال على صحة عقله وجودة نظره للعواقب، ولا يخالف هذا ما جاء في «مسند أبي يعلى» وغيره أنه لما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للأشج: «إن فيك خصلتين» الحديث، قال: «يا رسول الله أكان فيّ أم

الصفحة 88