كتاب دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين (اسم الجزء: 5-6)

ظفرت به في «معرفة الصحابة» لأبي موسى المديني لأنه روي من حديث سلمان بن يسار قال: طلع ذو الخويصرة اليماني وكان رجلاً جافياً على رسول الله في المسجد» وساق الحديث، وفي آخره: أنه بال فيه، وأنه أمر بسجل فصبّ على مباله. قلت: وقد سبقه الذهبي فقال في «التجريد» في ترجمة ذي الخويصرة اليماني: يروي في حديث مرسل أنه لذي بال في المسجد. قال الحافظ ابن حجر في «تخريج أحاديث الرافعي» : وهو غير ذي الخويصرة التميمي، واسمه حرقوص بن زهير رأس الخوارج اهـ. وبه يعلم أن ما وقع في «شرح المشكاة» و «المنهاج» لابن حجر الهيثمي أنه ذو
الخويصرة التميمي إن لم يكن من تحريف الكتاب فسبق قلم من الشيخ بلا ارتياب (في المسجد، فقام إليه الناس) الظرف متعلق بمحذوف: أي فقاموا قاصدين إليه (ليقعوا) بفتح أوله (فيه) أي بالسب ونحوه. قال في «المصباح» : وقع فلان في فلان وقيعة: سبه وثلبه، وجاء في رواية البخاري: فتناوله الناس ليقعوا به، وفي رواية: فتناوله الناس، وفي رواية لمسلم: فصاح به الناس، وفي أخرى له: فقال لأصحاب رسول الله: مه مه (فقال النبيّ: دعوه) أي اتركوه وذلك لعذره بقرب عهده إلى الإسلام.
ففيه الرفق في إنكار المنكر وتعليم الجاهل واستعمال التيسير وإنكار التعسير، وقد قال لأصحابه «إنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين» وفي رواية ابن ماجه: وقال الأعرابي بعد أن فقه: بأبي وأمي فلم يؤنب ولم يسب، فقال: «إن هذا المسجد لا يبال فيه، وإنما بني لذكر الله والصلاة فيه» (وأريقوا على بوله) أي محل بوله من المسجد بعد جفافه منه (سجلا من ماء) يعلم مما يأتي في تفسير السجل أن قوله من ماء مستدرك يغني عنه السجل لأن ذلك داخل فيه، إلا أن يقال أريد بالسجل مطلق الدلو لا بقيد كونها ممتلئة ماء، أو يقال صرح بذلك لزيادة الإيضاح (أو ذنوباً) بفتح الذال المعجمة وبالنون المضمومة والموحدة بينهما واو ساكنة وهل مجموع المتعاطفين من كلامه وأنه خير المأمور بينهما، أو أن الذي في لفظ الحديث أحدهما غير أن الراوي شك في تعيينه؟ قال الحافظ الولي العراقي: الظاهر الثاني بدليل رواية أبي داود «وصبوا عليها سجلاً من ماء، أو قال ذنوباً من ماء» وإذا كان ذلك شكا من بعض الرواة فالراجح الذنوب لأنه متفق عليه من حديث أنس من غير شك، وكذا في بعض طرقه ذكر الدلو من غير شك، وفي رواية ابن ماجه لحديث أبي هريرة «بسجل من ماء» بغير شك. ففي الحديث نجاسة بول الآدمي ووجوب تنزيه المسجد عنه والتفريق بين الماء الوارد على النجاسة فيطهرها وبين الواردة عليه فتنجسه إذا كان قليلاً أو كثيراً وتغير بها.
وفيه: أنه لا يشترط في تطهير الأرض بعد صبّ الماء عليها

الصفحة 91