كتاب دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين (اسم الجزء: 5-6)

يعلى» وغيره، قال البيهقي: إنه وهم والمحفوظ الأول ثم ساقه كذلك من طريق هشام بن عروة عن أبيه، وكذا أخرجه أحمد والطبراني وابن منده في «المعرفة» ، وابن حبان والحاكم في «صحيحيهما» ، ثم ذكر اختلاف الرواية عليه في أنه قال عن عمه أو عم أبيه أو عن الأحنف عن عمه عن جارية، كما رواه بهذا ابن أبي شيبة عند الداقطني في «علله» فيه خلاف غير هذا والأول أكثر وأولى لمتابعة ابن أبي الزناد في كونه من مسند جارية بل له طريق عند الطبراني من حديث محمد ابن كريب عن أبيه قال: شهدت الأحنف بن قيس يحدث عن جارية، ونشأ عن هذا الاختلاف تردد نظر الأئمة في إثبات صحبة جارية فأثبتها ابن أبي حاتم عن أبيه، وكذا ابن سعد وآخرون وهو الذي اعتمده شيخنا، ونفاها العجلى وغيره فقالوا:
إنه تابعي وليس بصحابي، وذكر الإمام أحمد عن يحيى القطان أنه قال: هكذا قال هشام بن عروة، يعني أن هشاماً ذكر في الحديث أن جارية سأل، قال يحيى: وهم يقولون إنه لم يدرك النبي ثم أخرج السخاوي عن سفيان بن عبد الله الثقفي قال: قلت للنبي الحديث. وقال: وعلى هذه الرواية اقتصر العراقي في أماليه وقال: إنه حديث حسن. قال العراقي: والحديث صحيح من وجه آخر يشير إلى طريق البخاري، وإنما أوردته من حديث سفيان لفائدة كونه هو السائل، قال: وقد روينا في أحاديث عن بن عمر وابن عمرو وأبي الدرداء وجارية بن قدامة أن كلا منهم سأل النبيّ. قال السحاوي: وبمقتضى ما بينه صار في الباب عن جابر وجارية وسفيان الثقفي وابن عمرو وابن عمرو وأبي الدرداء وأبي سعيد وأبى هريرة وعم جارية اهـ. والحديث سبق مشروحاً ببعض ما هنا في باب الصبر (قال للنبي: أوصني) قال الأزهري: الإيصاء من الوصية وهي مصدر وصيت الشيء بكذا وصلته إليه، فالمعنى: صلني إلى ما ينفعني ديناً ودنيا، ولما علم من هذا الرجل كثرة الغضب وهو طبيب في الدين يعالج كلا بمرضه المخصوص خصه بهذه الوصية (قال لا تغضب) الغضب فوران دم القلب أو عرض يبعثه ذلك على إرادة الانتفام، وهو من وساوس الشيطان يخرج به الإنسان عن اعتدال حاله فيتكلم بالباطل ويفعل المذموم وينوي الحقد والبغض وغير ذلك من القبائح، بل قد يكفر (فردد) أي فكرر الرجل قوله: أوصني (مراراً) تعريضاً بأنه لم يقنع بذلك وأنه يطلب وصية أبلغ وأنفع فلم يزده لعلمه أن لا أنفع من ذلك له (قال لا تغضب) وعلاجه أن يرى الكل من الله سبحانه ويذكر نفسه أن غضب الله أعظم وفضله

الصفحة 94