كتاب رفع النقاب عن تنقيح الشهاب (اسم الجزء: 3)

الناس أنهم (١) يصومون كثيرًا ويحجون كثيرًا (٢)، ولم تجر عادتهم بالاعتكاف إلا نادرًا، وليس ذلك كما قالوا: إنما (٣) يلزمهم الصوم والحج دون الاعتكاف؛ لأجل عادتهم القولية؛ لأن عادتهم إذا نطقوا (٤) بالأيمان أن يحلفوا بإلزام (٥) الصوم والحج، ولم تجر عادتهم في النطق بالأيمان التزام الاعتكاف.
وكذلك أيضًا قالوا: إذا حلف الإنسان (٦)، وقال: والله لا آكل رؤوسًا.
فمنهم من حنَّثه برؤوس الأنعام خاصة؛ لأن رؤوس الأنعام قد جرت العادة الفعلية بأكلها دون غيرها.
وليس ذلك كما قالوه (٧)، بل نقول: منشأ الخلاف في هذا: أن عادتهم القولية إذا نطقوا للفظ الرؤوس في الأيمان، فإنهم يخصون رؤوس الأنعام دون غيرها، فهي إذًا عادة قولية لا فعلية.
وإنما سبب الخلاف بين العلماء: في كونه يحنث بجميع الرؤوس، أو يحنث برؤوس الأنعام دون غيرها، هل وصلت هذه الغلبة في النطق إلى هذا النقل عن اللغة (٨)؟
فمن قال بالوصول، قال: هذه العادة ناسخة، وناقلة للغة، فلا يحنث إلا برؤوس الأنعام.
---------------
(١) في ز: "لأن عادتهم إنما يصومون".
(٢) "ويحجون كثيرًا" ساقطة من ز.
(٣) في ز وط: "بل نقول إنما يلزمهم".
(٤) في ز: "نطق".
(٥) في ط وز: "بالتزام".
(٦) في ط وز: "إنسان".
(٧) في ط: "قالوا".
(٨) في ز وط: "اللغة أم لا".

الصفحة 293