كتاب منحة الباري بشرح صحيح البخاري (اسم الجزء: 3)

وَسَجْدَتَيْنِ، فَإِنْ لَمْ يَقْدِرُوا لَا يُجْزِئُهُمُ التَّكْبِيرُ، وَيُؤَخِّرُوهَا حَتَّى يَأْمَنُوا" وَبِهِ قَال مَكْحُولٌ " وَقَال أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: "حَضَرْتُ عِنْدَ مُنَاهَضَةِ حِصْنِ تُسْتَرَ عِنْدَ إِضَاءَةِ الفَجْرِ، وَاشْتَدَّ اشْتِعَالُ القِتَالِ، فَلَمْ يَقْدِرُوا عَلَى الصَّلاةِ، فَلَمْ نُصَلِّ إلا بَعْدَ ارْتِفَاعِ النَّهَارِ، فَصَلَّيْنَاهَا وَنَحْنُ مَعَ أَبِي مُوسَى فَفُتِحَ لَنَا، وَقَال أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: وَمَا يَسُرُّنِي بِتِلْكَ الصَّلاةِ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا".
(باب: الصلاة عند مناهضة الحصون) أي: مقاومة من فيها، يقال: ناهضَّتُه، أي: قاومتُه، وتناهض القومُ في الحرب: إذا نهض كلُّ فريقٍ إلى صاحبه. (ولقاء العدو) بالجر عطف على (مناهضة) من عطفِ العامِّ على الخاصِّ. (وقال الأوزاعي) اسمه: عبدُ الرحمن. (تهيأ الفتح) أي: قَرُبَ وقوعُه. (ولم يقدروا على الصلاة) أي: على إتمامها أفعالا. (صلوا إيماء) أي: مومئين. (كل امرئ لنفسه) أي: بالإيماء منفردا. (حتى ينكشفَ القتالُ) أي: وإنْ لم يأمنوا. (أو يأمنوا) أي: وإن لم ينكشفَ القتالُ بأنْ زادت قوتهم، أو مُدُّوا بعددٍ وبذلك صحَّ كون الأمن قسيم الانكشاف. (فإن لم يقدروا) أي: على صلاةِ ركعتين بالفعل، أو بالإيماء.
(صلوا ركعة أو سجدتين) أي: بالفعل إنْ قدروا، وإلا فبالإيماء، وهذا مذهبُ الأوزاعي. والجمهور: على أنَّه لا بد من ركعتين بالفعل، أو بالإيماء. (فإن لم يقدروا) أي: على صلاةِ ركعتين وسجدتين بالفعل، أو بالإيماء، وهذا ساقطٌ من نسخةٍ. (لا يجزيهم التكبير) خلافًا لمن قال: بأنه يجزئ. (ويؤخرونها) أي: الصلاة. (حتى يأمنوا) أي: الأمان التام. (وبه) أي: وبقول الأوزاعي. (قال مكحول) أي: الدمشقيُّ

الصفحة 12