كتاب منحة الباري بشرح صحيح البخاري (اسم الجزء: 3)

أنس. (والخميس الجيش) سمي خميسًا؛ لانقسامه كما مرَّ إلى خمسة: ميمنة، وميسرة، وقلب، ومقدمة، وساقة. (فقتل المقاتلة) أي: النفوس. (المقاتلة) بكسر الفوقية. (سبى الذراري) بذال معجمة، وياء مشددة، وقد تخفف جمع ذرية: وهي الولد، والمراد بـ (الذراري): غير المقاتلة، ولو نساء بدليل قوله: (فصارت صفية لدحية الكلبي) حيث أعطاها له النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل القسمة؛ لأن له صفي المغنم يعطيه لمن شاء. (وصارت) أي: فصارت، أو ثم صارت. (لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -) استرجعها من دحية برضاه، أو اشتراها منه، أو إنه إنما كان أذن له في جارية من حشو السبي لا من أفضلهن، فلما رآه أخذ أنفسهن نسبًا، وشرفًا، وجمالا استرجعها؛ لأنه لم يأذن له فيها، ورأى أن في إبقائها مفسدة؛ لتميزه بها عن بقية الجيش؛ ولما فيه من انتهاكها مع مرتبتها، وربما ترتب على ذلك شقاق، فكان أخذها لنفسه - صلى الله عليه وسلم - قاطعًا لهذه المفاسد.
(عتقها) في نسخة: "عتقتها" بزيادة فوقية بعد القاف المفتوحة. (أنت) في نسخة: "أأنت" بذكر همزة الاستفهام. (أنسًا) في نسخة: "أنس بن مالك". (ما أمهرها) في نسخة: "ما مهرها" وهي لغتان، وفائدة سؤاله عن ذلك مع علمه به من قوله: (جعل عتقها صداقها): التأكيد، أو التثبيت في الرواية، وغاير بينهما لفظًا للتوسعة في التعبير. (قال: أمهرها نفسها) أي: أعتقها وتزوجها بلا مهر، وهو من خصائصه.
وفي الحديث: ندب التكبير عند الإشراف على المدن والقرى؛ إظهارًا لدين الله تعالى، وتنزيهًا له عن كل ما نسبه إليه أعداؤه. والتفاؤل بخراب خيبر؛ لسعادة المسلمين، وقد مرَّ ذلك في باب: ما يذكر في الفخذ.

الصفحة 18