كتاب منحة الباري بشرح صحيح البخاري (اسم الجزء: 3)

أي: ينكر (إلا أنه كان فقيرًا فأغناه الله ورسوله) أي: لا ينبغي له أن يمنع الزَّكاة، وقد كان فقيرًا فأغناه الله إذ هذا ليس جزاء النعمة، والاستثناء مفرغ، ومحل المستثني نصب بالمفعولية، أي: لا ينقم شيئًا من أمر الزَّكاة (¬1) إلا أن يكفر النعمة، فكأن غناه أداه لذلك. (وأما خالد، فإنكم تظلمون خالدًا) عبر في الثّاني بالظاهر بعد أن يقول (تظلمونه) بالضمير على الأصل؛ تفخيمًا لشأنه نحو {وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ (3)} [القارعة: 3].
(قد احتبس) أي: فإنّه وقف قبل الحول. (أدراعه) جمع درع: وهو الزردية، كما مرَّ. (وأعتده) مر بيانه في باب: العرض في الزَّكاة. (وأما العباس) دخلت (ال) عليه مع أنه علم؛ للمح الصِّفَة.
(فعم) في نسخة: بلا فاء، وهي أحسن، وجواب (أما) قوله بعد: (فهي ... إلى آخره)، وفي وصفه بأنه عمه: تنبيه على تفخيمه واستحقاق إكرامه. (فهي) أي: الصَّدقة المطلوبة عليه.
(صدقة) أي: ثابتة عليه سيتصدق بها. (ومثلها معها) أي: ويضم إليها مثلها كرمًا منه، فيكون - صلى الله عليه وسلم - ألزمه بتضعيف صدقته؛ ليكون ذلك أرفع لقدره، وأنفى للكذب عنه وبهذا والذي في مسلم: "فهي علي ومثلها" (¬2) وهو يدلُّ على أنه - صلى الله عليه وسلم - التزم بإخراج ذلك عنه؛ لأنه كان قد استسلف منه صدقة عامين.
(تابعه) أي: تابع الأعرج على ثبوت لفظ: (الصَّدقة). (ابْن أبي الزِّناد) هو عبد الرّحمن. (وقال ابن إسحاق) اسمه: محمّد.
¬__________
(¬1) سبق قبل الحديث رقم (1448) كتاب: الزَّكاة، باب: العرض في الزَّكاة.
(¬2) "صحيح مسلم" (983) كتاب: الزَّكاة، باب: في تقديم الزَّكاة ومنعها.

الصفحة 559