كتاب المهيأ في كشف أسرار الموطأ (اسم الجزء: 3)

على الصحيح عند المؤرخين حضرت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفي نسخة: النبي وإنما قال حضرت، ولم يقل: حاضرت رعاية للأدب وتركًا بإيهام التسوية بينه وبين النبي - صلى الله عليه وسلم - في الجلسة في المكان أعطاها أي: الجدة السُدس، فقال: أي: أبو بكر الصديق رضي الله عنه: يا مغيرة (ق 759) ابن شعبة هل معك غيرُك؟ أي: حين حضرت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، كان أبو بكر طلب الحجة من المغيرة بن شعبة على صحة خبره حضرت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأعطاه بها السدس، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "البينة على المدعي واليمين على من أنكر" وأراد زيادة التثبت والاستظهار مع الإِمكان وفتوا الحديث لعدم قبول خبر الواحد، أي: علمان خير من علم واحد ولا فخبر الواحد العدل مقبول اتفاقًا فقال محمد بن مَسْلمة أي: الأنصاري الصحابي، وكان من الفضلاء، مات بعد الأربعين فقال مثل ذلك، أي: مثل ما قال المغيرة فأنفذه بالهاء والذال المعجمتين المفتوحين لها أبو بكر الصديق رضي الله عنه أي: أنفذ الحكم بالسدس للجدة، فيه استعارة بالكناية تشبيه المعقول بالمحسوس فإنه بثبوت حكمه بالسدس لها أي: لنفوز السهم بالصيد كما يقال: نفذ السهم لرميه وهي بفتح الراء المهملة وكسر الميم وفتح التحتية المشدودة الصيد كذا قال محمد الواني في (ترجمة الجوهري)، فيعتبر فيه أنواع الاستعارة ثم أي: بعد إنفاذ حكمه بالسدس للجدة جاءت الجدة الأخرى أي: أم الأب إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه تسأل ميراثَها، فقال: أي: عمر مَا لَكِ بكسر الكاف أي: ليس لك يا امرأة في كتاب الله من شيء وما كان القضاء الذي أي: الحكم الذي قضى بصيغة المجهول أي: حكم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو خليفته به أي: السدس إلا لغيرِك، بكسر خطاب لأم الأب، والمراد بالغير أم الأم وما أنا بزائد في الفرائض من شيء، أي: حتى أقيس ولكن هو أي: المفروض أو الحكم ذاك بكسر الكاف أي: نصيبك الذي قضى لأم الأب، وهو السدس، فإن اجتمعتما بصيغة التثنية المخاطبة أي: أيتها الجدتان فيه أي: في السدس فهو بينكما، أي: بالسوية وأيتكما خلت به أي: انفردت بالسدس فهو لها.
قال الزرقاني: وفيه أن الصديق لم يكن له قاض ولا خلاف فيه، وذهب العراقيون إلى أن أول من استقضى عمر فبعث شريحًا إلى الكوفة قاضيًا، وبعث كعب بن سور إلى البصرة قاضيًا.

الصفحة 363