كتاب المهيأ في كشف أسرار الموطأ (اسم الجزء: 3)

ابن عمر يقرأ: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} وفي نسخة: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ} فيفيد أن المراد به هو أمته {إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ} أي: إذا أردتم طلاقهن {فَطَلِّقُوهُنَّ} لقُبُل بضم القاف الموحدة، كما روى يحيى في (الموطأ لمالك) في جامع الطلاق {لِعِدَّتِهِنَّ} أي: في استقبال عدتهن، قال مالك: يعني بذلك: أن يطلق في كل طهر مرة لا أكثر، وكأنه أتى بكل ليشتمل ما إذا كان الطهر عقب حيض طلقت فيه وراجعها؛ لأنه يصدق عليه إنه طلق لاستقبال العدة، وإن الأمر في هذا الحديث بأن يمسكها حتى تحيض ثم تطهر للندب لا للوجوب.
قال القشيري وغيره: هذه القراءة على التفسير لا التلاوة، وهي تصحح أن المراد بالأقراء الأطهار إذ لا يستقبل (ق 590) في الحيض عند الجميع ولا يفتي عند أحد من الطائفتين قاله عياض، وفي مسلم في بعض طرق حديث ابن عمر وقراء النبي - صلى الله عليه وسلم -: "فطلقوهن في قبل عدتهن"، فتأويل القراءة المشهورة {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} أن اللام متعلق بمحذوف مثل مستقبلات جمعًا بين القراءة والروايات، لحديث: "طلاق الأمة تطليقة وعدتها حيضتان" وهو قول الخلفاء الأربعة وغيرهم من أكابر الصحابة وأجلاء التابعين، رضي الله تعالى عنهم أجمعين، فإذا طلقت المرأة في الطهر المتقدم على القراءة الأولى من أقرائها فقد طلقت مستقبلة لعدتها، وقد ورد: "دعي الصلاة أيام أقرائك"، ومذهب الشافعي أن القرء: هو الطهر، فعلى التقدير الأول عدتهم أو وقتها على أن اللام للتوقيت.
قال محمد: طلاق السنَّة: أن يُطَلقها لقُبُل عدتها طاهرًا أي: طاهرة غير حائض في غير جماع، أي: كان حين تطهرُ من حيضها قبل أن يجامعها، أي: في ذلك الطهر وهو قولُ أبي حنيفة، والعامة من فقهائنا.
* * *

554 - أخبرنا مالك, أخبرنا نافع، عن عبد الله بن عمر: أنه طلَّق امرأته وهي حائض، في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسأل عمر عن ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
¬__________
(554) صحيح، أخرجه الشافعي في الأم (5/ 180) والبخاري (5251) ومسلم (1471) وأبو داود (2179) والنسائي (6/ 138) وأحمد في المسند (2/ 63) والدارمي (2/ 160) والبيهقي في السنن (7/ 323، 414) وفي معرفة السنن والآثار (11/ 14618).

الصفحة 62