كتاب المهيأ في كشف أسرار الموطأ (اسم الجزء: 3)

الصحيح ما روى ابن أبي شيبة وعبد الرزاق في مصنفيهما عن عطاء قال: جاءت امرأة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - تشكو زوجها فقال: "أتردين عليه حديقته التي أصدقك" قالت: نعم وزيادة قال: "أما الزيادة فلا" (¬1)، وأخرج الدارقطني (¬2) عن عطاء أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يأخذ الرجل من المختلعة أكثر مما أعطاها" فأمّا إذا جاء النشوز أي: العصيان والشقاق من قبله بكسر القاف (ق 598) وفتح الموحدة وكسر اللام أي: من جانب الرجل لم نُحبّ له أي: لا نرضى بل يكره أن يأخذ منها أي: بدلًا عن خلعها قليلًا ولا كثيرًا، وقال مالك: لا يجوز لقوله تعالى في سورة النساء: {وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا} [النساء: 20] وإن أخذ أي: شيئًا بعد نشوزه فهو أي: فأخذه جائز في القضاء، أي: لا يجوز في الديانة كما قال المصنف وهو مكروه له في ما بينه وبين ربه، وهو أي: جواز الأخذ قضاء لا ديانة قولُ أبي حنيفة والعامة من فقهائنا.
لما فرغ من بيان مشروعية الخلع إجمالًا، شرع في بيان كمية وقوع الطلاق في الخلع، فقال: هذا
* * *

باب الخلع كم يكون من الطلاق
في بيان أحكام الخلع كم يكون أي: الخلع من الطلاق، الخلع بضم الخاء المعجمة وسكون اللام والعين المهملة: إبانة الرجل زوجته كما يقال: خلع امرأته خلعًا كذا قاله محمد الواني من أهل اللغة، والخلع طلاق بائن عند أبي حنيفة.
وقال أحمد وإسحاق بن راهويه في القديم: هو فرقة بغير طلاق لما روى عبد الرزاق (¬3) في مصنفه من رواية طاوس عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: لو طلق رجل امرأته تطليقتين ثم اختلعت منه حل له أن ينكحها، ذكر الله تعالى الطلاق في أول
¬__________
(¬1) أخرجه عبد الرزاق في المصنف (6/ 502).
(¬2) الدارقطني (3/ 255).
(¬3) في المصنف (6/ 487).

الصفحة 77