كتاب التكملة لكتاب الصلة (اسم الجزء: 3)
بعد صَلَاة الظّهْر يَوْم الْخَمِيس السَّابِع عشر لرجب سنة 564 قَرَأت وَفَاته بِخَط أَبِي عبد الله بن نسع الزَّاهِد وَغَيره وَصلي عَلَيْهِ أَبُو الْحسن بن النِّعْمَة وَدفن بِبَاب بيطالة فِي الْجَبانَة الْمَعْرُوفَة بالجنان وَكَانَت جنَازَته مَشْهُودَة وَالْجمع فِيهَا عَظِيما حضرها السُّلْطَان يَوْمئِذٍ أَبُو الْحجَّاج يُوسُف بن سعد وتزاحم النَّاس عَليّ نعشه يتمسحون بأكفانه ويبكون فَقَدْ مَكَانَهُ وأتبعوه ثَنَاء جميلا ورثاه أَبُو مُحَمَّد وَاجِب بن عمر بن وَاجِب بقصيدة حَسَنَة مِنْهَا قَوْله
(أنس تهادت لم أنس يَوْم يهادت نعشه أسفا ... أَيدي الورى وتراميها على الْكَفَن)
(كزهرة تتهاداها الأكف فَلَا ... تقيم فِي رَاحَة إِلَّا على ظعن)
قَالَ لنا أَبُو الْحسن مُحَمَّد بن أَحْمد بن سَلمُون هَذَا صَحِيح كَانَ النَّاس يتعلقون بالنطق وبالسقف ليدركوا النعش بِأَيْدِيهِم ثمَّ يمسحوا بهَا على أوجههم وَحكى لنا أَبُو الْحسن هَذَا مَا مَعْنَاهُ إِنَّه كَانَ يتَصَدَّق عَليّ الأرامل واليتامى بِمَا لَهُ من دَقِيق وأدم وَغير ذَلِك فَقَالَت لَهُ زوجه إِنَّك لتسعى بِهَذَا الْعَمَل فِي فقر أبنائك فَقَالَ لَهَا لَا وَالله بل أَنا شيخ طماع أسعى فِي غناهم قَالَ وَكُنَّا نَقْرَأ عَلَيْهِ فِي مَرضه الَّذِي مَات مِنْهُ فَكَانَ لَا يسمع لَهُ كَلام فِي أَيَّام الثُّلَاثَاء وَالْأَرْبِعَاء وَالْخَمِيس إِلَّا أَن يُنَادي الله تعالي سَائِلًا فِيهِ قَبضه يَوْم الْجُمُعَة فَإِذا جاوزه رَأَيْته يَوْم السبت آسفا سيىء الْحَال نكد البال كَذَلِك فِي يَوْم الِاثْنَيْنِ فَإِذا كَانَ يَوْم الثُّلَاثَاء رَأَيْت لَهُ سُرُورًا لطمعه بِالْمَوْتِ يَوْم الْجُمُعَة قَالَ ويتكرر هَذَا مِنْهُ حَتَّى كَانَ يعرف من أَحْوَاله ثمَّ من الله عَلَيْهِ بمطلوبه فَقبض يَوْم الْخَمِيس وَدفن يَوْم الْجُمُعَة كَمَا كَانَ يسْأَل وَيَدْعُو وَهُوَ كَانَ
الصفحة 203
254