كتاب زهر الأكم في الأمثال والحكم (اسم الجزء: 3)
وهذا المثل يضرب في الضعيف يلتجئ إلى أضعف منه أو مثله، والذليل يأوى إلى أذل منه. قال جرير:
كان الفرزدق إذ يعوذ بخاله ... مثل الذليل يعوذ تحت القرمل
ويقال أيضاً في المثل:
ضعيف عاد بقرملةٍ.
ومثله قول العامة: أستند المريض إلى المريض.
أذل من بيضة البلد.
الذل مر، والبيضة معروفة واحدة البيض؛ والبلد بفتحتين أدحي النعام، وهو حفرة يتخذها في الأرض لبيضه. قال علقمة يصف الظليم:
حتى توافى وقرن الشمس مرتفع ... أدحي عريسين في البيض مركوم
وبيضة البلد يقال بيضته التي يتركها فيه، ضرب بها المثل في الذلة لأنها لا تمتنع من كل من ظفر بها، كما قيل: فقع القرقر، على ما يأتي. قال الشاعر:
لو كنت من أحد يهجى هجوتكم ... يا بن الرقاع ولكن لست من أحد
تأبى قضاعة أنَّ تدري لكم نسبا ... وابنا نزار فأنتم بيضة البلد
وجوز أبو عبيدة في قولهم: كان فلان بيضة البلد أنَّ يراد به المدح على ما قيل في بيضة القعر، كما سيأتي. وزعم البكري إنّه قد ضرب هذا ثلا للمنفرد عن أهله وأسرته، فلا يكون مدحا ولا ذما، وانشده:
لو كان حوض حمار ما شربت به ... إلاّ بأذن حمار أخر الأبد
لكنه حوض من أودى بأخوته ... ريب الزمان فأضحى بيضة البلد!
وفيه نظر: لأنَّ الشاعر يخبر بأنه قد هان وذل بذهاب اخوته وأنصاره، لا بمجرد فقد الأنصار وإنّه منفرد.
الصفحة 13
416