كتاب زهر الأكم في الأمثال والحكم (اسم الجزء: 3)

تفرقت قبائل سبأ هذا التفرق، وتمزقوا هذا التمزق، ضربت العرب بهم المثل فقالوا: ذهب القوم أيدي سبأ وأيادي سبأ، أي تفرقوا في كل طريق ووجهة، إما على أنَّ اليد بمعنى الجارحة، لأنهم كانوا، إذ كانوا مجتمعين، يدا واحدة. فلما تفرقوا صارت اليد أيادي كثيرة؛ أو بمعنى النعمة، أي تفرقوا تفرق نعم سبأ، أو كائنين كنعم أهل سبأ، أو بمعنى الطريق، أي تفرقوا في كل طريق أهل سبا، حيث تمزقوا، وأيدي سبأ جعل اسما مركبا كمعدي كرب وسكنت الياء تخفيفا وإنَّ انتصب.

ذهبوا تحت كوكبٍ.
هذا كالذي قبله في المعنى أيضاً، وهو التفرق، وألفاظه ظاهرة.

ذهب دمه أدراج الرياح.
الذهاب مر، وكذلك الدم، والأدراج جمع درج بفتحتين وهو الطريق تقول رجعت أدراجي أي في الطريق الذي جئت فيه. والرياح جمع ريح، قلبت الواو ياء في المفرد والجمع لانكسار ما قبلها. وهذا المثل يقال في بطلان الشيء. فإذا قيل: ذهب دمه أدراج الرياح، أريد إنّه ذهب هدراً. والمعنى إنّه مسالك الرياح الذاهبة أو كان في مسالكها فنسفته وأذهبته. وكذا في غير الدم.

ذهبت هيف لأديانها.
الذهاب مر، والهيف بالفتح ريح حارة تهب من نحو اليمن نكباء بين الجنوب والدبورز قال ذو الرمة: هيف اليمانية في مرها نكب وهي تيبس ما مرت به وتعطش الحيوان. الهيف أيضاً شدة العطش، والأول المراد والأديان جمع دين بكسر الدال وله معان كثيرة: منها العادة، وهو المراد هنا. قال امرؤ القيس:
كدينك من أم الحويرث قبلها ... وجارتها أم الرباب بمأسل

الصفحة 18