كتاب الاستذكار (اسم الجزء: 3)

رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَعَى النَّجَاشِيَّ لِلنَّاسِ فِي الْيَوْمِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ وَخَرَجَ بِهِمْ إِلَى الْمُصَلَّى فَصَفَّ بِهِمْ وَكَبَّرَ أَرْبَعَ تَكْبِيرَاتٍ
قَدْ ذَكَرْنَا اسْمَ النَّجَاشِيِّ فِي التَّمْهِيدِ
وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ عَلَمٌ مِنْ أَعْلَامِ نُبُوَّتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَبِيرٌ وَذَلِكَ أَنَّهُ عَلِمَ بِمَوْتِهِ فِي الْيَوْمِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ عَلَى بُعْدِ مَا بَيْنَ الْحِجَازِ وَأَرْضِ الْحَبَشَةِ وَنَعَاهُ لِلنَّاسِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ
وَكَانَ ذَلِكَ فِيمَا قَالَ الْوَاقِدِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ السِّيَرِ فِي رَجَبٍ سَنَةَ تِسْعٍ مِنَ الْهِجْرَةِ
وَفِيهِ إِبَاحَةُ الْإِشْعَارِ بِالْجِنَازَةِ وَالْإِعْلَامِ بِهَا لِيَجْتَمِعَ إِلَى الصَّلَاةِ عَلَيْهَا وَفِي ذَلِكَ رَدُّ قَوْلِ مَنْ تَأَوَّلَ نَهْيَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ النَّعْيِ أَنَّهُ الْإِعْلَامُ بِمَوْتِ الْمَيِّتِ لِلِاجْتِمَاعِ إِلَى جِنَازَتِهِ
رُوِيَ عن بن مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ لَا تُؤْذِنُوا بِي أَحَدًا فَإِنِّي أَخْشَى أَنْ يَكُونَ كَنَعْيِ الْجَاهِلِيَّةِ
وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّهُ قَالَ إِذَا أَنَا مُتُّ فَلَا تَقُولُوا لِلنَّاسِ مَاتَ سَعِيدٌ حَسْبِي مَنْ يُبَلِّغُنِي إِلَى رَبِّي
وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنِ بن مَسْعُودٍ قَالَ حَسْبِي مَنْ يُبَلِّغُنِي إِلَى حُفْرَتِي
وَعَنْ عَلْقَمَةَ أَنَّهُ قَالَ لَا تُؤْذِنُوا بِي أَحَدًا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنَ النَّعْيِ وَالنَّعْيُّ مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ
وَرُوِيَ عَنْ طَائِفَةٍ مِنَ السَّلَفِ مِثْلُ ذَلِكَ قَدْ ذَكَرْتُهُمْ وَالْأَخْبَارُ عَنْهُمْ فِي التمهيد
وروي عن بن عَوْنٍ قَالَ قُلْتُ لِإِبْرَاهِيمَ أَكَانَ النَّعْيُ يُكْرَهُ قَالَ نَعَمْ قَالَ وَكَانَ النَّعْيُّ أَنَّ الرَّجُلَ يَرْكَبُ الدَّابَّةَ فَيَطُوفُ وَيَقُولُ أَنْعِي فُلَانًا
قَالَ بن عون وذكرنا عند بن سِيرِينَ أَنَّ شُرَيْحًا قَالَ لَا تُؤْذِنُوا لِجِنَازَتِي أَحَدًا فَقَالَ إِنَّ شُرَيْحًا كَانَ يَكْتَفِي بِذِكْرِهِ
وَلَا أَعْلَمُ بَأْسًا أَنْ يُؤْذِنَ الرَّجُلُ صَدِيقَهُ حَمِيمَهُ
وَفِي قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ كَانَ لَهُ مِنَ الْأَجْرِ كَذَا وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَا يَمُوتُ أَحَدٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَتُصَلِّي عَلَيْهِ أُمَّةٌ مِنَ النَّاسِ يَبْلُغُونَ أَنْ يَكُونُوا مِائَةً فَيَشْفَعُونَ لَهُ إِلَّا شُفِّعُوا فِيهِ وَعَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُصَلِّي عَلَيْهِ ثَلَاثَةُ

الصفحة 26