كتاب الاستذكار (اسم الجزء: 3)

وَرَوَى الثَّوْرِيُّ عَنْ جَبَلَةَ بْنِ سُحَيْمٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حَنْظَلَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ شَهِدَ عُمَرَ فَذَكَرَ هَذِهِ الْقِصَّةَ وَقَالَ يَا هَؤُلَاءِ! مَنْ كَانَ أَفْطَرَ فَإِنَّ قَضَاءَ يَوْمٍ يَسِيرٌ وَمَنْ لَمْ يَكُنْ أَفْطَرَ فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ
وَرَوَى مَعْمَرٌ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ قَالَ أَفْطَرَ النَّاسُ فِي زَمَانِ عُمَرَ فَرَأَيْتُ عِسَاسًا أُخْرِجَتْ مِنْ بَيْتِ حَفْصَةَ فَشَرِبُوا فِي رَمَضَانَ ثُمَّ طَلَعَتِ الشَّمْسُ مِنْ سَحَابٍ فَكَأَنَّ ذَلِكَ شَقَّ عَلَى النَّاسِ وَقَالُوا أَنَقْضِي هَذَا الْيَوْمَ فَقَالَ عُمَرُ وَلِمَ تَقْضِي وَاللَّهِ مَا تَجَانَفْنَا الْإِثْمَ
قَالَ أَبُو عُمَرَ فَهَذَا خِلَافٌ عَنْ عُمَرَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَالرِّوَايَةُ الْأَوْلَى أَوْلَى بِالصَّائِمِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ
وَمِمَّنْ قَالَ لَا يَقْضِي هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ وَدَاوُدُ بْنُ عَلِيٍّ
وَالْجُمْهُورُ عَلَى الْقَضَاءِ
وَأَمَّا مَالِكٌ فَيَقْضِي عِنْدَهُ قِيَاسًا عَلَى النَّاسِي عِنْدَهُ
قَالَ مَالِكٌ فِيمَنْ أَكَلَ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ وَهُوَ يَظُنُّهَا قَدْ غَابَتْ أَوْ أَكَلَ بَعْدَ الْفَجْرِ وَهُوَ يَظُنُّهُ لَمْ يَطْلُعْ قَالَ فَإِنْ كَانَ نَظَرَ غَامِضًا فِيهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ واجبا فعليه القضاء
وقال الكوفيون والشافعي والثوري وبن سَعْدٍ إِذَا تَسَحَّرَ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ أَوْ أَكَلَ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ الدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ مَنْ قَالَ يَقْضِي الْيَوْمَ إِجْمَاعُهُ عَلَى أَنَّهُ لَوْ غُمَّ هِلَالُ رَمَضَانَ فَأَفْطَرُوا ثُمَّ قَامَتِ الْحُجَّةُ بِرُؤْيَةِ الهلال أن عليهم القضاء بعد إتمام صيامهم يَوْمَهِمْ
وَأَمَّا اخْتِلَافُهُمْ فِي مَنْ أَكَلَ وَهُوَ شَاكٌّ فِي الْفَجْرِ فَقَالَ مَالِكٌ أَكْرَهُ أَنْ يَأْكُلَ إِذَا شَكَّ فَإِنْ أَكَلَ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ أَرَى أَنْ يَقْضِيَ يَوْمًا مَكَانَهُ فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ فَقَدْ قَضَاهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ فَقَدْ أُجِرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ
وَقَالَ الثَّوْرِيُّ يَتَسَحَّرُ مَا شَكَّ فِي الْفَجْرِ حَتَّى يَرَى الْفَجْرَ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ لَا يَأْكُلُ إِذَا شَكَّ فَإِنْ أَكَلَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ إِذَا شَكَّ الرَّجُلُ فَلَمْ يَرَ وَأَكَلَ فِي الْفَجْرِ أَمْ فِي اللَّيْلِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ

الصفحة 344