كتاب الاستذكار (اسم الجزء: 3)

قَالَ أَبُو عُمَرَ حَمَلَهَا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - عَلَى ذَلِكَ الْأَخْذُ بِالرُّخْصَةِ وَالتَّوْسِعَةِ لِأَنَّ مَا بَيْنَ رَمَضَانَ عَامِهَا وَرَمَضَانَ الْعَامِ الْمُقْبِلِ وَقْتُ الْقَضَاءِ كَمَا أَنَّ وَقْتَ الصَّلَاةِ لَهُ طَرَفَانِ
وَمِثْلُ ذَلِكَ أَيْضًا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ لَيْسَ التَّفْرِيطُ فِي النَّوْمِ إِنَّمَا التَّفْرِيطُ فِي الْيَقَظَةِ عَلَى مَنْ لَمْ يُصَلِّ الصَّلَاةَ حَتَّى يَدْخُلَ وَقْتُ الْأُخْرَى
وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى قَضَاءِ مَا عَلَيْهِ مِنْ إِتْمَامِ رَمَضَانَ فِي شَعْبَانَ بَعْدَهُ أَنَّهُ مُؤَدٍّ لِفَرِيضَةٍ غَيْرِ مُفَرِّطٍ
وَقَدْ قِيلَ إِنَّ ذَلِكَ كَانَ لِشُغُلِهَا بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَذَا لَيْسَ بِشَيْءٍ لِأَنَّ شُغُلَ سَائِرِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) كَشُغُلِهَا أَوْ قَرِيبًا مِنْهُ لِأَنَّهُ كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْدَلَ النَّاسِ بَيْنَ نِسَائِهِ فِي كُلِّ مَا يَجِبُ لَهُنَّ عَلَيْهِ وَكَانَ مَعَ ذَلِكَ يَخَافُ أَنْ يُؤَاخَذَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ مِنْ حُبِّ مَنْ مَالَتْ نَفْسُهُ إِلَيْهَا أَكْثَرَ مِنْهُ إِلَى غَيْرِهَا وَكَانَ يَقُولُ إِذَا قَسَّمَ بَيْنَهُنَّ شَيْئًا اللَّهُمَّ هَذَا قَسَمِي فِيمَا أَمْلِكُ فَلَا تَلُمْنِي فِيمَا تَمْلِكُ وَلَا أَمْلِكُ يَعْنِي الْقَلْبَ
قَالَ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ (لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ) الْأَنْفَالِ 63
وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَشْتَبِهَ عَلَى قَائِلِهَا ذَلِكَ الْقَوْلُ بِحَدِيثِ السُّدِّيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ الْبَهِيِّ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ مَا كُنْتُ أَقْضِي مَا يَكُونُ عَلَيَّ مِنْ رَمَضَانَ إِلَّا فِي شَعْبَانَ حَتَّى تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَقَوْلُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ حَتَّى تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَبَرٌ يُخْبَرُ مِنْ وَجْهٍ يُحْتَجُّ بِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ
(21 - بَابُ صِيَامِ الْيَوْمِ الَّذِي يُشَكُّ فِيهِ)
643 - ذَكَرَ فِيهِ مَالِكٌ أَنَّهُ سَمِعَ أَهْلَ الْعِلْمِ يَنْهَوْنَ أَنْ يُصَامَ الْيَوْمُ الَّذِي يُشَكُّ فِيهِ مِنْ شَعْبَانَ إِذَا نَوَى بِهِ صِيَامَ رَمَضَانَ وَيَرَوْنَ أَنَّ عَلَى مَنْ صَامَهُ عَلَى غَيْرِ رُؤْيَةٍ

الصفحة 368