كتاب الاستذكار (اسم الجزء: 3)

أَضْغَاثِ الْأَحْلَامِ فَهُوَ حَقٌّ وَصِدْقٌ وَحَسَبُكَ أَنَّهَا جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ كَمَا جَاءَ فِي الْآثَارِ الصِّحَاحِ
وَسَنُوَضِّحُ ذَلِكَ فِي مَوْضِعِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَقَدْ قُلْنَا فِي ذَلِكَ فِي التَّمْهِيدِ مَا فِيهِ كِفَايَةٌ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ
وَيَحْتَمِلُ حَدِيثُ عَائِشَةَ أَنْ يَكُونَ أَبُو بَكْرٍ لَمْ يُجِبْهَا فِي حِينِ قَصَّتْ عَلَيْهِ رُؤْيَاهَا ثُمَّ قَالَ لَهَا مَا حَكَتْهُ بَعْدُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُجْمِلَ لَهَا الْجَوَابَ حِينَئِذٍ وَيُؤَكِّدَهُ بِالْبَيَانِ فِي حِينِ مَوْتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ فَهِمَتْ عَنْهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهُ أَرَادَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَاحِبِيهِ كَمَا كَانَ وَلَمْ يُدْفَنْ فِي بَيْتِهَا غَيْرُهُمْ وَقَدْ رَامَ ذَلِكَ قَوْمٌ فَلَمْ يُقَدِّرْهُ اللَّهُ لَهُمْ
وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْقَمَرَ قَدْ يَكُونُ فِي تَأْوِيلِ الرُّؤْيَا الْمُلْكَ الْأَعْظَمَ كَمَا تَكُونُ الشَّمْسُ
وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ مُعَبِّرًا مُحْسِنًا وَقَدْ عَبَّرَ لَهَا رُؤْيَاهَا فِي يَوْمِ الْجَمَلِ
رَوَى هُشَيْمٌ وَأَبُو بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ عَنْ مُجَالِدٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا رَأَتْ كَأَنَّهَا عَلَى ظَرْبٍ وَحَوْلَهَا بَقَرٌ يُذْبَحُ وَيُنْحَرُ فَقَصَّتْ ذَلِكَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ فَقَالَ إِنْ صَدَقَتْ رُؤْيَاكِ لَيُقْتَلَنَّ حَوْلَكِ جَمَاعَةٌ مِنَ النَّاسِ
الظَّرَبُ جَمْعُهُ ظِرَابٌ وَهِيَ الْجِبَالُ الصِّغَارُ
مَالِكٌ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِمَّنْ يَثِقُ بِهِ أَنَّ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ وَسَعِيدَ بْنَ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ تُوُفِّيَا بِالْعَقِيقِ وَحُمِلَا إِلَى الْمَدِينَةِ وَدُفِنَا بِهَا
قَالَ أَبُو عُمَرَ الْخَبَرُ بِذَلِكَ عَنْ سَعْدٍ وَسَعِيدٍ كَمَا حَكَاهُ مَالِكٌ صَحِيحٌ وَلَكِنَّهَا مَسْأَلَةٌ اخْتَلَفَ السَّلَفُ وَمَنْ بَعْدَهُمْ فِيهِ بِاخْتِلَافِ الْآثَارِ فِي ذَلِكَ
فَمَنْ كَرِهَ ذَلِكَ احْتَجَّ بِحَدِيثِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِالْقَتْلَى أَنْ يُرَدُّوا إِلَى مَضَاجِعِهِمْ
وَبِحَدِيثِ جَابِرٍ أَيْضًا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ تُدْفَنُ الْأَجْسَادُ حَيْثُ تُقْبَضُ الْأَرْوَاحُ
وَبِالْحَدِيثِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ فِي أَخِيهَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ لَوْ شَهِدْتُهُ مَا دُفِنَ إِلَّا حَيْثُ مَاتَ

الصفحة 57