كتاب المحيط البرهاني في الفقه النعماني (اسم الجزء: 3)

رحمه الله، إنما الكلام في ثبوت الحرمة واستحقاق الأجر عند أبي حنيفة رحمه الله ثبتت حرمة الرضاع في ثلاثين شهراً، وعندهما إلى حولين.

أما الكلام في استحقاق الأجر قال شمس الأئمة الحلواني رحمه الله هو على هذا الخلاف حتى أن من طلّق امرأته فأرضعت بعد الحولين فطلبت الأجر عند أبي حنيفة رحمه الله: استحق الأجر إلى تمام حولين ونصف وعند أبي يوسف ومحمد رحمها الله: لا يستحق الأجرة فيما عدا الحولين، وأكثر المشايخ أن على مدة الرضاع في حق استحقاق الأجر على الأب فقدره بحولين عند الكل حتى لا تستحق المطلقة أجرة الرضاع بعد الحولين بالإجماع، وتستحق في الحولين بالإجماع.
وأما قوله تعالى: {لمن أراد أن يتم الرضاعة} (البقرة: 233) هي من إرادة تمام الرضاع ترضع حولين كاملين لا ينقص عن ذلك، ولكن إذا نقص عن ذلك، وكان الولد يستغني عن ذلك يجوز، وقد مرّ جنس هذا، وأما قوله تعالى: {وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف} (البقرة: 233) سنبّين معناه بعد هذا إن شاء الله.
قال أصحابنا رحمهم الله، ولا تجبر الأم على إرضاع ولدها؛ لأن الإرضاع بمنزلة النفقة ونفقة الأولاد تجب على الآباء لا على الأمهات فكذا الإرضاع. وإن كان الصبي لا يأخذ لبن غريها ولا يوجد من ترضعه هل تجبر الأم على الإرضاع؟.
ذكر شمس الأئمة الحلواني رحمه الله في «شرحه» : أن القاضي الخصاف في باب نفقة الصبيان أن في «ظاهر الرواية» عن أصحابنا رحمهم الله: لا تجبر. وروي عن أبي يوسف وأبي حنيفة رحمهما الله في «النوادر» أنها تُجبر، وذكر شمس الأئمة السرخسي رحمه الله في شرح «أدب القاضي» للخصاف أيضاً أنها تجبر من غيره بلا خلاف.
وهكذا ذكر في «شرح القدوري» ، وهذا لأنها لو لم تجبر والولد لا يأخذ لبن غيرها...... الولد وهي ممنوعة عن إتلاف الولد.

وجه ما ذكر شمس الأئمة الحلواني رحمه الله: أن الولد تغذى بالدهن وغيره من المائعات لا يؤدي هذا إلى إتلاف الولد. قال الضحاك: إذا لم يكن للصبي أو للأب مال أجبرت الأم على الإرضاع وهو الصحيح، لأنها..... في اللبن، فصار هذا قياس ما قال أصحابنا رحمهم الله في الأب إذا غاب وليس له مال، وترك امرأة وصغيراً وللمرأة مال فالمرأة تجبر على الإنفاق على الصبي، ثم هي ترجع عليه، كذا ههنا.
ثم إرضاع الصغير إذا كان يوجد من يرضعه إنما يجب على الأب إذا لم يكن للصغير مال. أما إذا كان له مال بأن ماتت أمه فورث مالاً أو استفاد مالاً بسببٍ آخر يكون مؤنة الرضاع في مال الصغير، وكذلك نفقة الصبي بعد الفطام إذا كان له مال لا يجب على الأب.
فرق بين نفقة الولد وبين نفقة الزوجات، فإن المرأة وإن كانت موسرة فنفقتها على الزوج.

الصفحة 565