كتاب المحيط البرهاني في الفقه النعماني (اسم الجزء: 3)

وذكر الخصاف في «أدب القاضي» : أن في هذه الصورة يفرض القاضي النفقة على الأب ويأْمُرُ المرأة بالاستدانة على الزوج سواء التمست المرأة ذلك من القاضي أو لم تلتمس، فإذا أيسر وقدر عليه طالبته المرأة بما استدانت.

وكذلك لو كان الأب في أخذ النفقة لكنه امتنع عن النفقة على الصغير يفرض القاضي على الأب نفقة الأولاد فامتنع الأب عن (النفقة) على الأولاد فالقاضي يأمرها أن تستدين عليه وتنفق على الصغير لترجع بذلك على الأب.

قال: وكذلك إن فرض القاضي النفقة على الأب ومات الأب فتركهم بلا نفقة فاستدانت بأمر القاضي وأنفقت عليهم فإنها ترجع على الأب بذلك الإنفاق على الصغير بأمر القاضي كالإنفاق عليهم بأمر الأب، وكذلك هذا الحكم في مؤنة الرضاع إذاكان الأب معسراً فالقاضي يأمر المرأة بالاستدانة فإذا أيسر رجعت عليه بالقدر الذي أمرها القاضي بالاستدانة لما قلنا.
وإن لم تكن المرأة استدانت بعد الفرض لكنهم كانوا يأكلون من مسألة الناس لم ترجع على الأب بشيء، لأنهم إذا سألوا وأُعطوا صار ذلك ملكاً لهم، فوقع الاستغناء عن نفقة الأب، واستحقاق هذه النفقة باعتبار الحاجة. فإذا وقع الاستغناء لهم ارتفعت الحاجة فتسقط النفقة عن الأب، فإن كانوا أُعطوا مقدار نصف الغاية سقط نصف النفقة عن الأب، وتصح الاستدانة في النصف بعد ذلك. وعلى هذا القياس فافهم.
وليس هذا في حق الأولاد خاصة بل في نفقة جميع المحارم إذا أكلوا من مسألة الناس لا يكون لهم حق الرجوع على الذي فرضت نفقتهم عليه واجب المسألة أن نفقة الأقارب لا تصير ديناً، بقضاء القاضي بل تسقط بمضي المدة، بخلاف نفقة الزوجات والفرق قد مرّ قبل هذا.

وذكر في أبواب «زكاة الجامع» : أن نفقة الأقارب تصير ديناً بقضاء القاضي. واختلف المشايخ فيه: قال بعضهم، إنما اختلف الجواب لاختلاف الموضع، فموضوع المحارم ما ذكر في «الجامع» إذا استدان المقضي له بالنفقة وأنفق من ذلك فتكون الحاجة قائمة لقيام الدين. وموضوع ما ذكر في سائر المواضع: إذا أنفق مال صدقة تُصُدِّقَ بها عليها فلا تُنفى الحاجة بعد مضي المدة، وإلى هذا مال شمس الأئمة الحلواني رحمه الله في شرح كتاب النكاح. وقال بعضهم: ما ذكر في سائر المواضع محمول على ما إذا طالت المدة.

وما ذكر في «الجامع» محمول على ما إذا قصرت المدة، ونفقة الأقارب، إنما لا يصير ديناً بقضاء القاضي إذا طالت المدة، أمّا إذا قصرت يصير ديناً فكيف لا يصير ديناً؟ فإن القاضي مأمور بالقضاء بالنفقة، ولو لم يصير ديناً أصلاً لم يكن للأمر بالقضاء بالنفقة معنى وفائدة، لكن لا بد من حلَ فاصلٍ بين القصر والمزيد، فقدَّروا القصر ما دون الشهر، وذكر في «الحاوي» في «الفتاوى» هذه المسألة.
وفرق بين نفقة الصبي وبين نفقة سائر المحارم فقال: نفقة الصبي تصير ديناً على الأب بقضاء القاضي، ونفقة سائر الأقارب لا تصير ديناً بقضاء القاضي، قال: فإن كان

الصفحة 570