كتاب المحيط البرهاني في الفقه النعماني (اسم الجزء: 3)

بما أقرضها؛ لأن الزوجية تسقط النفقة عن ذوي المحارم، ألا ترى أن الأب يفرض عليه نفقة ابنته المراهقة، فإذا زوجها سقطت عنه نفقتها إلا أنه تعذر إيصال النفقة إليها من جهة الزوج بعسرته وتعذر فرض النفقة على الابن كما ذكرنا، فيؤمر الابن بالإقراض؛ لأنه أقرب إليها، وهي محتاجة إلى الاستدانة فيستدين من أقرب الناس إليها.
فإن لابن الابن أن يقرضها النفقة. قال الخصاف في «أدب القاضي» : قال الحسن بن زياد رحمه الله فرضت على الابن نفقتها وأخذته بذلك. والمراد منه أبى من القرض المذكور هنا هو الجبر على الإقراض لا القرض بطريق الإيجاب كما ذكرنا: أن الزوجية تسقط النفقة عن المحارم، وإنما ذكرنا قول الحسن؛ لأنه لم يحفظ في هذا رواية عن أبي حنيفة رحمه الله، وذكر الخصاف هذه المسألة في «نفقاته» إلا أن هناك وضع المسألة في الزوج مع الأخ، وفي الزوج مع الأب. وذكر هناك أن الأخ الموسر أو الأب الموسر إذا امتنع عن الإقراض يحبس؛ لأن هذا من المعروف؛ لأن كل نفقة معروف وصلة فيجوز أن يحبس في الأمر بالمعروف.
وفي «القدوري» : وضع المسألة في الزوج مع الأخ، وقال أجبرت الأخ على نفقتها، ويرجع على الزوج، ثم الأصل في نفقة الوالدين والمولودين أنه يعتبر القرب والجزئية ولا يعتبر الميراث. وإذا استويا في القرب يجب على من له نوع رحجان، وإذا لم يكن لأحدهما رجحان فحينئذ تجب النفقة بقدر الميراث.

بيان هذا الأصل: إذا كان للفقير والد وابنُ ابنٍ موسرين فالنفقة على الوالد لأنه أقرب. وإذا كان له بنت وابنُ ابنٍ فالنفقة على البنت خاصة وإن كان الميراث بينهما لأن البنت أقرب. وإن كان له بنت بنت أو ابن بنت وله أخ لأب وأم فالنفقة على ولد الابنة ذكراً كان أو أنثى وإن كان الميراث للأخ لا لولد الابنة فعلم أن العبرة لقرب القرابة والجزئية وإن سفل، ولد الولد وبنت الولد أو ولد ابن فهم سواء في النفقة عليهم دون الأخ لما قلنا. ولو كان له والد وولد وهما موسران فالنفقة على ولده وإن استويا في القرب الابن يرجح باعتبار تأويل الثالث له في مال ولده، ولو كان جد وابن ابن فالنفقة عليهما على قدر ميراثهما، على الجد السدس والباقي على ابن الابن.
ثم استشهد في «الكتاب» لبيان أن العبرة في نفقة الوالدين والمولودين للقرب والجزئية دون الإرث بمسائل: منها إن المعسر المسلم إذا كان له ابنان موسران أحدهما مسلم والآخر ذمي فنفقته عليهما جميعاً بالسوية وإن كان الإرث لا يجري بين المسلم والكافر. وكذلك إذا كان للرجل الفقير ابنة وأخت لأب وأم وهما موسران فالنفقة على البنت وإن كانا تستويان في الميراث.m
وإذا كان للفقير ابن نصراني وله أخ مسلم وهما موسران فالنفقة على الابن، وإن كان الميراث للأخ. وكذا إذا كان للفقير ابنة ومولى عتاقه وهما موسران فالنفقة على الابنة وإن كانا يستويان في الميراث. وكذا المعسرة إذا كانت لها ابنة وأخت لأب وأم فالنفقة على ابنتها. وإن كانتا تشتركان في الميراث.
قال: الرجل إذا كان محتاجاً وله ابن كبير فطلب الأب منه النفقة ونازعه في ذلك

الصفحة 580