كتاب المحيط البرهاني في الفقه النعماني (اسم الجزء: 3)

وفي سائر الأقارب الاستحقاق تعلق بالوراثة وذلك يختلف باختلاف الدين، قال: والنوافل بمنزلة الأولاد والأجداد الجدات من قبل الأب.
والأم بمنزلة الوالدين؛ لأن استحقاق هؤلاء باعتبار الولاد كاستحقاق الأبوين.
قال: ولا يجبر المسلم والذمي على نفقة والديه وولدهِ من أهل الحرب وإن كانا مستأمنين في دار الإسلام؛ لأنها صلة وقد نهينا عن صلة الحربي قال الله تعالى: {إنما ينهاكم اعن الذين قاتلوكم في الدين} (الممتحنة: 9) الآية وكذلك الجدين الذي دخل علينا بأمان لا يجبر على نفقة والديه وولدهِ إن كانا مسلمين، أو كانا من أهل الذمة.

قال: ولا يجبر أهل الذمة على أن ينفقوا على أحد من ذوي أرحامهم إذا كانوا على غير دينهم، يُريد به ديناً هو غير دين الإسلام إلا على الوالدين والأجداد والأولاد، هكذا ذكر الخصاف في «نفقاته» . قال الصدر الشهيد رحمه الله في «شرح النفقات» : ما ذكر الحصاف إن كان محمولاً ما إذا كان من دارين مختلفين، يعني إذا كان للذمي ذو رحم محرم هو من أهل الحرب فهذا الجواب صحيح لما ذكرنا قبل هذا. فأما إذا كان هذا الجواب يجري على الإطلاق فالصحيح ما ذكر في «المبسوط» : أنهم يجبرون لأن الكفر كلهُ ملة واحدة ولهذا يتوارثون فيما بينهم إذا كانوا من أهل دار الإسلام وتقبل شهادة بعضهم على البعض. فأما نفقة المرأة فيجب وإن كانت على غير دينه لما ذكرنا أنها تستحق النفقة بالعقد، وذلك لا يختلف باختلاف الدين.
قال: ولو أن مستأمناً في دارنا تزوج ذمية ودخل بها ثم طلقها فلها النفقة، في قول من يوجب على الذمي العدة، وهو قول أبي يوسف ومحمد رحمهما الله. وقد عرف هذا في نكاح «المبسوط» ، في باب نكاح أهل الحرب نفقة النكاح، فعلى قياس قول أبي حنيفة رحمه الله: نعرض لها نفقة النكاح.

وعلى قياس قول أبي يوسف ومحمد رحمهما الله: لا نفرض بناء على أن لهذا النكاح حكم الصحة عند أبي حنيفة رحمه الله. حتى قال: إذا طلب أحدهما النفقة فالقاضي لا يفرق بينهما ما لم يطلب الآخر، والمرأة تستحق النفقة في النكاح الصحيح.
وعندهما لهذا النكاح حكم الفاسد حتى قالا: يفرق بينهما إذا طلب أحدهما. وفي النكاح الفاسد لا يثبت استحقاق النفقة، وأجمعوا على أن في النكاح بغير شهود تستحق هي النفقة لأن هذا النكاح محكوم بالصحة فيما بينهم عند الكل. ويستحق النفقة لهذا.

قال: وإذا أسلم الذمي وامرأته من غير أهل الكتاب فأبت الإسلام ففرق بينهما، فلا نفقة لها في العدة؛ لأن منفعة الاحتباس فاتت من جهتها، ولهذا سقط جميع المهر متى كان قبل الدخول بها. ومنفعة الاحتباس متى فاتت من جهتها توجب سقوط النفقة. كما لو نشزت.
وأما إذا أسلمت المرأة وأبى الزوج الإسلام يُفرق بينهما، سواء كان الزوج كتابياً أو غير كتابي، على ما عرف في نكاح «المبسوط» : فكان لها النفقة والسكنى، إذا كان بعد الدخول بها، لأن منفعة الاحتباس إنما فاتت بمعنى من جهة الزوج فيكون محسوباً عليه، كما لو طلقها بعد الدخول بها.

الصفحة 587