كتاب المحيط البرهاني في الفقه النعماني (اسم الجزء: 3)

بالمعروف والنهي عن المنكر. وإذا وضع القاضي العبد على يدي العدل أمره أن يكتسب وينفق على نفسهِ إذا كان قادراً على الكسب كما قبل الوضع على يدي العدل؛ بخلاف الأمة لأنها عاجزة عن الكسب عادة، حتى لو كانت الأمة قادرة على الكسب معروفة بذلك بأن كانت خبازة وأو غسالة تؤمر بالكسب أيضاً. هكذا قال الفقيه أبو بكر البلخي والفقيه أبو إسحاق الحافظ رحمهما الله. وإن كان العبد عاجزاً عن الكسب لمرضه أو صغره يؤمر المدعى عليه بالنفقة لأنهُ الآن بمنزلة الأمة.
قال: وإن كان مكان العبد دابة والمدعى عليه لا يجد كفيلاً؛ وهو مخوف على ما في يده، والمدعي لا يقدر على ملازمته، فالقاضي يقول للمدعي أنا لا أجبر المدعى عليه على الإنفاق لكن إن شئت أن أضعها على يدي عدل فأنفق عليها. ولا يضع على يدي عدل بخلاف العبد والأمة؛ وهذا لأن المقصود من الوضع على يدي العدل صيانة حق المدعي. وهو القضاء له بالمدعى به متى زكت الشهود وهذا المقصود يفوت في الدابة متى أبى المدعي الإنفاق لأن المدعى عليه لا يُجبَرُ على إنفاقهِ وإن كان هو المالك ظاهراً على ما عليه ظاهر الرواية عن أصحابنا رحمهم الله ولو لم ينفق المدعي على الداية تتلف الدابة ولا يحصل ما هو المقصود للمدعي من وضع الدابة على يدي العدل بخلاف العبد والأمة لأن المدعى عليه يجبر على إنفاقهما وإن وضعا على العدل فلا ضرورة إلى أمر المدعي بالإنفاق.
النوع الثالث في الإنفاق على الغير

المشتري قال: دابةٌ بين رجلين امتنع أحدهما عن الإنفاق عليها؛ وطلب الآخر من القاضي أن يأمره بالنفقة حتى تأخر لا يصير متطوعاً. فالقاضي يقول للآبي: إما أن تبيع نصيبك أو تنفق عليه هكذا ذكر الخصاف في «نفقاتهِ» : وقد فرق بين هذا وبينما إذا كانت الدابة كلها له: فإن هناك إذا امتنع عن الإنفاق عليها لا يجبر على ذلك وذكر شمس الأئمة السرخسي رحمه الله في «شرح كتاب المزارعة» : أن ههنا لا يجبر الآبي على الإنفاق أيضاً.
والفرق على رواية الخصاف: أن الدابة كلها إذا كانت لرجل فليس في ترك الإنفاق إتلاف ملك الغير بل فيه إتلاف ملك نفسهِ. فلو وجب الإنفاق لوجب بملك نفسهِ وملك دابتهِ وإنها ليست من أهل الاستحقاق.
أما ههنا في ترك الإنفاق إتلافُ ملك الغير وهو ملكُ صاحبه وصاحبه من أهل الاستحقاق فجاز الجبر للغير وهو ملك.
قال: بهو مشترك بين قوم وهو شربٌ لهم ولأراضيهم احتاج هذا النهر إلى الكَرِيّ فأبى بعض أهل النهر الكراء. والكلام ههنا في مواضع.
أحدها: في النهر الأعظم فنقول: النهر الأعظم إذا احتاج إلى الكرايّ فالسلطان يكريه من مال بيت المال. وكذلك إذا احتيج إلى إصلاح مسنناته ويصرف في هذا الكراء

الصفحة 593