كتاب منح الجليل شرح مختصر خليل (اسم الجزء: 3)

وَالنَّبِيِّ وَالْكَعْبَةِ، وَكَالْخَلْقِ، وَالْإِمَاتَةِ، أَوْ هُوَ يَهُودِيٌّ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْكَفَّارَةُ احْتِيَاطًا تَنْزِيلًا لَهُ مَنْزِلَةَ عِلْمِ اللَّهِ، بِكَسْرِ الْعَيْنِ وَسُكُونِ اللَّامِ. سَحْنُونٌ إنْ أَرَادَ الْحَلِفَ وَجَبَتْ الْكَفَّارَةُ لِأَنَّ حُرُوفَ الْقَسَمِ قَدْ تُحْذَفُ.
(وَ) لَا تَنْعَقِدُ بِقَوْلِهِ وَ (النَّبِيِّ) لَا فَعَلْت أَوْ لَأَفْعَلَنَّ (وَ) لَا بِقَوْلِهِ وَ (الْكَعْبَةِ) مَا فَعَلْت أَوْ لَأَفْعَلَنَّ وَالْحَجَرِ وَالْبَيْتِ وَالْمَقَامِ وَمَكَّةَ وَالصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَالزَّكَاةِ، وَخَاتَمِ الصَّوْمِ الَّذِي عَلَى فَمِ الْعِبَادِ، وَالْعَرْشِ وَالْكُرْسِيِّ مِنْ كُلِّ مَخْلُوقٍ مُعَظَّمٍ شَرْعًا. وَفِي حُرْمَةِ الْحَلِفِ بِهِ وَهُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِ وَشَهَّرَهُ فِي الشَّامِلِ، وَكَرِهْتُهُ وَشَهَّرَهُ الْفَاكِهَانِيُّ قَوْلَانِ، مَحَلُّهُمَا إنْ كَانَ صَادِقًا وَإِلَّا حَرُمَ اتِّفَاقًا. بَلْ رُبَّمَا كَانَ بِالنَّبِيِّ كُفْرًا لِأَنَّهُ اسْتِهْزَاءٌ قَالَهُ الْحَطّ. لَا يُقَالُ تَعْلِيلُهُ يُفِيدُ أَنَّهُ سَابٌّ لِأَنَّا نَقُولُ مَعْنَاهُ يُفِيدُ الِاسْتِهْزَاءَ لَا أَنَّهُ قَصَدَهُ. وَأَمَّا الْحَلِفُ بِمَا لَيْسَ بِمُعَظَّمٍ شَرْعًا كَالدُّمَى وَالْأَنْصَابِ وَحَيَاةِ أَبِي وَرَأْسِ أَبِي وَتُرْبَةِ أَبِي فَلَا شَكَّ تَحْرِيمُهُ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُخْتَلَفَ فِيهِ. وَفِي الْحَدِيثِ «إنَّ اللَّهَ نَهَاكُمْ أَنْ تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ، فَمَنْ كَانَ حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ بِاَللَّهِ أَوْ لِيَصْمُتْ» ؛ قَالَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ سَمِعَ عُمَرَ يَحْلِفُ بِأَبِيهِ فِي سَفَرٍ فَمَا حَلَفَ بِهِ بَعْدَ ذَلِكَ حَتَّى تُوُفِّيَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -.
(وَ) لَا تَنْعَقِدُ بِصِفَةٍ فِعْلِيَّةٍ (كَالْخَلْقِ) وَالرِّزْقِ وَالْإِحْيَاءِ (وَالْإِمَاتَةِ) بِكَسْرِ الْهَمْزِ وَبِمُثَنَّاتَيْنِ فَوْقِيَّتَيْنِ آخِرَهُ ضِدُّ الْإِحْيَاءِ. ابْنُ يُونُسَ لَا كَفَّارَةَ عَلَى مَنْ حَلَفَ بِشَيْءٍ مِنْ صِفَاتِ أَفْعَالِهِ تَعَالَى كَالْخَلْقِ وَالرِّزْقِ وَالْإِحْيَاءِ وَالْإِمَاتَةِ، وَأَمَّا الْقَائِلُ وَالْخَالِقِ وَالرَّازِقِ وَالْمُحْيِي وَالْمُمِيتِ فَهَذَا حَالِفٌ بِاسْمِ اللَّهِ تَعَالَى فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ، وَإِنْ دَلَّتْ هَذِهِ الْأَسْمَاءُ عَلَى صِفَاتِ أَفْعَالِهِ.
(أَوْ) أَيْ لَا تَنْعَقِدُ إنْ قَالَ (هُوَ) أَيْ الْحَالِفُ وَعَبَّرَ عَنْهُ بِضَمِيرِ الْغَائِبِ دَفْعًا لِشَنَاعَةِ إسْنَادِ الْخَبَرِ الْآتِي لِضَمِيرِ الْمُتَكَلِّمِ (يَهُودِيٌّ) أَوْ نَصْرَانِيٌّ أَوْ مَجُوسِيٌّ أَوْ مُرْتَدٌّ أَوْ عَلَى غَيْرِ مِلَّةِ الْإِسْلَامِ أَوْ سَارِقٌ أَوْ زَانٍ أَوْ عَلَيْهِ غَضَبُ اللَّهِ وَلَعْنَةُ اللَّهِ إنْ فَعَلَ كَذَا، أَوْ إنْ لَمْ يَفْعَلْهُ ثُمَّ حَنِثَ فَلَيْسَ بِيَمِينٍ وَلَا يَرْتَدُّ وَلَوْ كَذَبَ فِي كَلَامِهِ لِقَصْدِهِ إنْشَاءَ الْيَمِينِ لَا الْإِخْبَارَ عَنْ نَفْسِهِ بِذَلِكَ، وَلِذَا إنْ لَمْ يَكُنْ فِي يَمِينٍ فَإِنَّهُ مُرْتَدٌّ وَلَوْ جَاهِلًا أَوْ هَازِلًا، وَخَبَرُ «مَنْ حَلَفَ بِمِلَّةٍ

الصفحة 10