كتاب منح الجليل شرح مختصر خليل (اسم الجزء: 3)

وَغَمُوسٌ: بِأَنْ شَكَّ، أَوْ ظَنَّ، وَحَلَفَ بِلَا تَبَيُّنِ صِدْقٍ،
ـــــــــــــــــــــــــــــQغَيْرَ الْإِسْلَامِ فَهُوَ كَمَا قَالَ» قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ لَيْسَ عَلَى ظَاهِرِهِ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ النَّهْيُ عَنْ مُوَاقَعَةِ هَذَا اللَّفْظِ وَلَا يَرْتَدُّ مَنْ قَالَ هُوَ يَهُودِيٌّ لِيَغْتَرَّ بِهِ يَهُودِيَّةً لِيَتَزَوَّجَهَا مَثَلًا.

(وَ) لَا كَفَّارَةَ فِي يَمِينٍ (غَمُوسٍ) مُتَعَلِّقَةٍ بِمَاضٍ وَفَسَّرَهَا بِقَوْلِهِ (بِأَنْ شَكَّ) الْحَالِفُ فِيمَا أَرَادَ الْحَلِفَ عَلَيْهِ هَلْ هُوَ كَمَا أَرَادَ أَنْ يَحْلِفَ عَلَيْهِ أَوْ لَا (أَوْ ظَنَّ) الْحَالِفُ أَنَّ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ كَمَا أَرَادَ أَنْ يَحْلِفَ عَلَيْهِ ظَنًّا غَيْرَ قَوِيٍّ وَأَوْلَى إنْ تَعَمَّدَ الْكَذِبَ (وَحَلَفَ) عَلَى شَكِّهِ أَوْ ظَنِّهِ الضَّعِيفِ أَوْ تَعَمُّدِهِ الْكَذِبَ، وَاسْتَمَرَّ عَلَى ذَلِكَ (بِلَا تَبَيُّنِ صِدْقٍ) بِأَنْ تَبَيَّنَ أَنَّ الْأَمْرَ عَلَى خِلَافِ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ أَوْ بَقِيَ عَلَى شَكِّهِ أَوْ ظَنِّهِ، فَإِنْ تَبَيَّنَ صِدْقُهُ فَلَيْسَتْ غَمُوسًا. وَكَذَا إنْ جَزَمَ أَوْ ظَنَّ ظَنًّا قَوِيًّا وَسَيَقُولُ وَاعْتَمَدَ الْبَاتُّ عَلَى ظَنٍّ قَوِيٍّ، وَكَذَا إنْ قَالَ فِي يَمِينِهِ فِي ظَنِّي فَإِنْ تَعَلَّقَتْ بِحَالٍ أَوْ اسْتِقْبَالٍ كُفِّرَتْ عَلَى الْمُعْتَمَدِ.
ابْنُ غَازِيٍّ قَوْلُهُ بِلَا تَبَيُّنِ صِدْقٍ مَفْهُومُهُ لَوْ تَبَيَّنَ صِدْقُهُ لَمْ تَكُنْ يَمِينٌ غَمُوسٌ وَهُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنْ قَوْلِهَا قَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وَمَنْ قَالَ: وَاَللَّهِ مَا لَقِيت فُلَانًا أَمْسِ وَهُوَ لَا يَدْرِي أَلَقِيَهُ أَمْ لَا ثُمَّ عَلِمَ بَعْدَ يَمِينِهِ أَنَّهُ كَمَا حَلَفَ بَرَّ، وَإِنْ كَانَ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ أَثِمَ. وَكَانَ كَتَعَمُّدِ الْكَذِبِ فَهِيَ أَعْظَمُ مِنْ أَنْ تُكَفَّرَ، وَعَلَى هَذَا الْمُتَبَادَرِ حَمَلَهَا ابْنُ الْحَاجِبِ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَعَلَيْهِ حَمَلَ ابْنُ عَتَّابٍ لَفْظَ الْعُتْبِيَّةِ فِيمَا يُشْبِهُ مَسْأَلَةَ الْمُدَوَّنَةِ، وَحَمَلَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الشُّيُوخِ لَفْظَ الْمُدَوَّنَةِ عَلَى أَنَّهُ وَافَقَ الْبِرَّ فِي الظَّاهِرِ لَا أَنَّ إثْمَ جُرْأَتِهِ بِالْإِقْدَامِ عَلَى الْحَلِفِ شَاكًّا سَقَطَ عَنْهُ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا تُزِيلُهُ إلَّا التَّوْبَةُ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي الْفِقْهِ بَعِيدٌ مِنْ لَفْظِ الْمُدَوَّنَةِ. وَمِمَّنْ حَمَلَهَا عَلَى مُوَافَقَةِ الْبِرِّ لَا نَفْيِ إثْمِ الْحَلِفِ عَلَى الشَّكِّ وَإِنْ كَانَ دُونَ إثْمِ الْمُتَعَمِّدِ. أَبُو الْفَضْلِ عِيَاضٌ ابْنُ عَرَفَةَ وَهُوَ خِلَافُ قَوْلِ أَبِي مُحَمَّدٍ فِي الْحَالِفِ عَلَى شَكٍّ أَوْ ظَنٍّ إنْ صَادَفَ صِدْقًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَقَدْ خَاطَرَ. وَقَالَ اللَّخْمِيُّ الصَّوَابُ أَنَّهُ آثِمٌ وَسُمِّيَتْ غَمُوسًا لِأَنَّهَا تَغْمِسُ صَاحِبَهَا فِي النَّارِ، وَقِيلَ فِي الْإِثْمِ الْمُصَنِّفُ وَهُوَ أَظْهَرُ؛ لِأَنَّهُ سَبَبٌ حَاصِلٌ أَيْ مَوْجُودٌ بِخِلَافِ الْغَمْسِ فِي النَّارِ فَإِنَّهُ لَيْسَ مُحَقَّقًا، إذْ فَاعِلُ الذَّنْبِ تَحْتَ الْمَشِيئَةِ عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ وَلَا تَتَحَتَّمُ عَلَيْهِ النَّارُ. وَأُجِيبُ عَنْ الْأَوَّلِ بِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ تَغْمِسُهُ فِي النَّارِ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّهَا

الصفحة 11