كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 3)

بناء على ثابت هابل هذا. ولأنه لم يكن بالإمكان في الماضي قياس سرعة تباعد المجرات أو هروبها بدقة كافية، فلقد تأرجح ثابت هابل بين 50 - 55 وإلى حد 300 كيلومتر لكل مليون فرسخ نجمي (أو ميغا فرسخ نجمي)، وتراوح عمر الكون ما بين 10 - 20 بليون عام. وفي عام 1998 م حدد هذا الثابت بمقدار (77+ 8) ميغا فرسخ نجمي، وعلى هذا الأساس حدد عمر الكون ما بين 12 - 13 مليار عام. ولقد تم مؤخرا تقدير عمر الكون باستعمال ثلاثة معالم هي: ثابت هابل، الكثافة الكتلية للكون، والثابت الكوني، وقد اتضح أن عمر الكون يتراوح بين 8، 11 - 15 مليار عام، أي أن عمر الكون هو 4، 13+ 6، 1 مليار عام «1».
ونتيجة للتطور الموجه للقوى الأربعة (النووية القوية، النووية الضعيفة، الجذب، الكهرومغناطيسية) تكونت الجزئيات والتراكيب الجزئية للعناصر والمواد في الأجسام الحية وغير الحية، وحدوث التفاعلات البيولوجية في الأجسام الحية. فمن القوى أو الروابط التكافؤية القوية نسبيا كالقوة الرابطة بين الصوديوم والكلور في ملح الطعام، إلى القوة اللاتكافئية ضعيفة الترابط والمسئولة عن تشكل البنية ثلاثية الأبعاد للجزئيات البيولوجية (الروابط الهيدروجينية، الكهربية الساكنة، التساهمية، المكارهة للماء أو القطبية، وقوى فان درفالس)، أصبح لدينا بفعل الضرورة لا المصادفة - كما يعتقد البعض خاطئا - حياة ذكية، شكل الإنسان ذروتها، فكان بحق خليفة اللّه على الأرض.
هذه القوى الأربع كما ذكرنا في الكتاب السابق، ولدت تدريجيا أثناء تبرد الكون، وكانت قبل الانفجار العظيم قوة واحدة متفردة ذات بنية غشائية حويصلية وترية لها أحد عشر بعدا. وفي اللحظة صفر من عمر الكون ولد الزمن وولدت معه القوى الأربع الحاكمة لنواميس الكون .. إن القوى الطبيعية الأربع هي إرادة اللّه تعالى الباقية الخالدة مع الزمن، لا يصيبها التبدل ولا التغيير، فهي من أهم سنن ونواميس اللّه تعالى في الكون، وقد ولدت مع ولادة الكون، وستظل معه حتى يرث اللّه تعالى الأرض والسماوات وما فيهما: سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ ولَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا (62)
______________________________
(1) د. هاني رزوقي/ د. خالص جلبي، الإيمان والتقدم العلمي، ص 19 - 20، بتصرف، والمأخوذ من كتاب الطبيعة للمؤلفين هاريس وجماعته المنشور عام 1998 م.

الصفحة 17