كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 3)
فلسفة وأفكار إلى معادلات يمكن التعامل معها رياضيا. عنى ذلك أن هناك أغشية قبل الانفجار أي وجود عالم متكون من مادة قبل ذلك، وأن كوننا ليس متفردا بل أن النظام الكوني متكون من عدد لا نهائي من الأكوان التي قد يحدث التداخل فالانفجار فيها في أية لحظة. وأخيرا أمكن للعلماء تصور كوننا أنه فقاعة تطفو في بحر من الفقاعات كل واحدة منها يمثل كونا، والآن يعكفون على عمل مجسم فيزيائي عن الكون يخلو من أي شك أو غموض على أن هذه التجربة غير مؤكدة النجاح.
كل الذي سبق هو فكر بشري لا يصل إلى اليقين فهو مجرد نظريات قد تصدق وقد تخيب. يقول أحد العلماء أننا نطلق العنان لخيالاتنا فنطرح أفكارا مبعثرة غير منتظمة ثم نضع لها الحلول. إلا أن الثابت علميا هو أن الكون كان جزءا واحدا فانفجر وهذا ما أثبتته الإشعاعات الكونية التي وصلت إلينا وتم رصدها فأصبحت حقيقة غير قابلة للشك، أما تلك الأسئلة المهمة التي طرحت آنفا فلا يمكن لأحد أن يجيب عنها على وجه اليقين والدقة. كما وأن من المفترض اليوم أن هناك أكوان أخرى لا نحس بها ولكننا توصلنا إلى حتمية وجودها من خلال التقصي والمراقبة لتصرف الكون بواسطة المراقب الدقيقة، إلا أن ذلك لم يحدد على وجه الدقة.
إذن المسألة تحولت بفعل المراقبات الحديثة لتقنيات العصر من مجرد نظرية إلى إثباتات دامغة حولتها إلى حقيقة، إلا أن المتتبع لسير هذه الحقيقة وكيفية حدوثها ليصل إلى القناعة الكاملة بأن الكون قد خلق من قبل خالق عظيم هو اللّه تبارك وتعالى، وليس هناك أي مجال للقول بالصدفة الذكية أو غير ذلك. المسألة هنا يمكن تشبيهها بقدر يطبخ فيه طعام، فلو تخيلنا أن ذرات هذا الطعام لها لسان تتكلم به مع بعضها، تحاول أن تعرف أين هي، ما مصيرها، كيف جاءت وتكونت؟!. وهي لا تدري ما كان يصب عليها من مواد كالماء أو الملح أو أي مادة تدخل في الطهو، ثم تطور الأمر إلى أنها استطاعت أن تفكر وتخترع جهازا يخرجها من مكان وجودها - أي القدر في هذه الحالة - فعرفت أن هناك نارا تحت المكان الذي تقطنه، وهكذا بدأت تتكهن وتناقش وتضع النظريات وتخترع التقنيات كي تفهم وتعطي إجابة للتساؤلات التي تشغلها، فقد تقترب حينا أو تبتعد حينا آخر عن الحقيقة. وهكذا حال البشر مع خالقهم وحياتهم، وللّه المثل الأعلى.
استطاع العلم الحديث من جمع عدة أدلة على حصول الانفجار الأعظم، نذكر منها: توسع الكون، الأشعة الثمالية أو المتبقية من الانفجار والتي وصلتنا من الكون
الصفحة 23
104