كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 3)
يسمح لأي خطا بالحصول، وهذا كله يعطي معنى أن المسألة تحت المجهر من قبل الخالق العظيم وهو ما يفسر معنى القيومية، وهو ينفي الصدفة الذكية وغير ذلك من التفسيرات لأن المسألة هنا تتطلب كم هائل من الصدف الذكية صدف أن تجمعت عند لحظة معينة، الأمر الذي لا يمكن أن يقبل لا فيزيائيا ولا حتى يثبت رياضيا. فنتج عن ذلك ما هو مهم للفكر البشري الذي كان هو السبب في إيجاد هذا الكون وخلقه، فتلازم العلم والإيمان وتناسقا ليغيب عنهما أي تناقض فتكون بذلك العقل المسلم لخالق الكون وبديع السماوات والأرض.
وعلى هذا النحو تكونت القوى الأربعة التي تحكم الكون وتنظم قوانينه وتضبط تطوره، فتسير من حالة اللاانتظام والتشوش إلى حالة الترتيب والنظام، ومن البنية الأبسط إلى البنية الأعقد، ومن المادة ذات الوظيفة الأقل أداء وكفاية إلى المادة ذات الوظيفة الأكثر أداء وكفاية، ومن عدمية المعنى إلى كمالية المعنى .. إنه الانتقال من حالة الفوضى إلى الانتظام والتناسق والجمال، خلافا لما تقتضيه الأنتروبية (نزوع عناصر الجملة إلى التبعثر والفوضى) والتي تشكل أحد أركان القانون الثاني للثرمودايناميك - الديناميكا الحرارية - والذي يحكم العلاقة بين درجة انتظام الجمل الغازية والطاقة الحرة أو المقيدة لهذه الجمل، فتطور الكون كان في صراع دائم مع الإنتروبية وسار بعكس وجهتها باستمرار. إذن هو تطور موجه من قبل خالق عظيم لا مجال للمصادفة فيه أن تحصل ولا للخطأ، خلافا لما يراه البعض، إنه تطور اقتضته الضرورة، ضرورة منطق السير من الأبسط والاضطراب والنقصان إلى الأعقد والانضباط والجمال والاكتمال من حيث البنية والوظيفة والشكل «1».
المتدبر لما ذكرناه يجد أن الأمر يتعلق بخلق الكون من العدم، سرعة الإيجاد، دقة التنظيم، الخلق والإعادة، استمرار مراقبة الحدث وما يتبعه من أحداث، عن إحاطة وتمكن البشر من تقليد هذه العملية، تسخير كل ذلك للبشر .. هذه الحقائق العلمية التي اكتشفت مؤخرا تجدها أمامك شاخصة في كتاب اللّه العزيز:
______________________________
(1) د. هاني رزق/ د. خالص جلبي، الإيمان والتقدم العلمي، ص 33 - 37، بتصرف.