كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 3)

تَرى مِنْ فُطُورٍ (3)، (الملك: 3) .. أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً (15) (نوح: 15) ... إذن فقد صرح القرآن الكريم بحقيقة السماوات السبعة أو طبقات السماوات السبعة، وكما ذكرناها آنفا، وموضح في الشكل الموجود أول الكتاب، فإنك تجد أن السماء المعينة كأنها حلقة في صحراء أو فلاة من السماء الثانية وكما ذكر الأحاديث عن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم. وبالتالي فقد كانت السماوات والأرض ذاعنة لأمر اللّه وما زالت وستبقى، فعند ما لبت أمر اللّه وجاءت طائعة فإنها تشكلت بأمر اللّه تعالى على النحو الذي يشاء سبحانه كي تكون على أدق صنع وأبهى صورة مستقرا ومستودعا للبشر ومسرحا لعملياتهم وشاهدة عليهم ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وهِيَ دُخانٌ فَقالَ لَها ولِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ (11) (فصلت: 11). وهنا جاءت بصيغة (سماء) وليس (سماوات)، فقد تعني هنا بيئة الكون ككل وهو كل ما علا الأرض الكروية السابحة فيها، وقد تعني سماء معينة كسماء الغلاف الجوي، وفي الحالتين فهذا تصريح قرآني بأن أصل السماء دخان، والدخان هي ما نعرفه فلكيا بحساء الكوني أو قد يعني المرحلة اللاحقة من الغبار الكوني والسدم التي كونت المجرات، واللّه أعلم. إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ والْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ ما مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ ذلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ (3) (يونس: 3).
10. دقة التوجيه: إذ لو لم تكن موجهة لما وصلت إلى كل تلك الدقة وروعة الصنع، ولو تحكمت فيها عدة قوى لانتهت إلى الفوضى والتخبط: لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتا فَسُبْحانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ (22) (الأنبياء: 22) ..
11. نظام التوحيد في الخلق: كل سماء من السماوات تدور حول مركز السماء الأعلى منها عكس عقرب الساعة، فالأرض مع سماءها (الغلاف الجوي) تدور في سماء المجموعة الشمسية حول الشمس عكس عقرب الساعة، والشمس مع توابعها تدور في سماء المجرة (درب التبانة) بنفس الأسلوب وهكذا .. هذا الدوران هو نفس دوران الحجيج حول بيت اللّه الحرام، وهذا هو أسلوب التوحيد في الخلق من جهة، ومنزلة

الصفحة 49