كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 3)
أمة الإسلام عند اللّه تعالى من جهة أخرى، وكأن اللّه تعالى يقول لأمة محمد صلّى اللّه عليه وسلّم أنكم عندي كأفلاك ونجوم وكواكب السماء، فلا يغرنكم ما تكابدونه من هموم في الأرض.
12. خلق النجوم: كان لخلق النجوم ضمن مراحل خلق الكون الأثر العظيم كما فصلنا، لذلك أقسم بها اللّه تعالى في عدة مواضع من القرآن الكريم، فجاءت تدل على عظمتها وحركتها المستمرة كقوله تعالى * فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ (75) وإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ (76) (الواقعة). في هذه الآية المباركة تصريح واضح بعظم القسم والذي يدل على عظم المقسوم به ألا وهو هذه المنشآت الكونية العملاقة التي هي النجوم. كما وجاء القسم تارة أخرى بنوع محدد من النجوم، ويا له من نوع، إنه الثقب الأسود الذي فصلنا بعض من أمره آنفا، وهو معنى قوله تعالى: والسَّماءِ والطَّارِقِ (1) وما أَدْراكَ مَا الطَّارِقُ (2) النَّجْمُ الثَّاقِبُ (3) (الطارق). فسرت هذه الآيات عند أكثر المفسرين رحمهم اللّه تعالى على أنه الشهب الثاقبة مستندين إلى آيات أخرى، ولكن القسم يدل على عظم المقسوم. وحيث أن الثقب الأسود الذي يشكل بحق مقبرة النجوم، وهو حقيقة اكتشفت حديثا، لم يكن ليعرف عند أهل التفسير في حينها لذلك قالت الآية (وما أدراك ما الطارق) دليل التعجب، أي لو أنكم تعلمون ما هذا الكائن العظيم، لذلك كان معناها يقترب من عظمة هذه المخلوقات أكثر من الشهب التي تعتبر أقل شأنا، واللّه أعلم.
13. وجود أكوان أخرى: أَولَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ والْأَرْضَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلى وهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ (81) إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (82) (يس) .. وآيات أخرى تدل على أن اللّه تعالى قادر على كل شيء بكلمة كن.
14. تسخير كل ذلك لابن آدم كي يعرف خالقه فيعبده ويخافه: اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ وسَخَّرَ الشَّمْسَ والْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ (2) (الرعد: 2).