كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 3)
الثانية علميا فيما بعد، وتغييرات حصلت على الأولى «1» - نحتا دور الخالق واعتبرتا أن المسألة خاضعة للصدفة الذكية والزمن وغير ذلك من التبريرات المضحكة، وانساق وراءهما خلق كثير فتكون التيار العلماني الناكر لدور الخالق تحت شعار أؤمن بما أرى ( Seeing is believing)، فجاء الجواب القرآني المعجز وبكلمات قليلة، فرتق السموات والأرض وفتقهما هو أصل الكون «2»، والماء هو أصل الأحياء، أ فلا يؤمن هؤلاء الملحدون.
إذن يذكر لنا اللّه تعالى أن أصل السماوات والأرض كانتا جزء واحد (رتق)، ثم فصلتا لتكونان جميع أجرام الكون ب (الفتق) أو الانشطار ... قال عبيد اللّه الاباحي في كتابه (المذهب الروحاني) ما نصه: ((أجمع العلماء أن الأرض تولدت كباقي السيارات من منطقة اقتطعت من خط استواء الشمس، وتكاثفت مادتها فأصبحت كرة نارية تدور حول محورها وحول الشمس. فالأرض كانت في البدء كتلة نارية، وعرض لها ما يعرض لكل مادة ذائبة، أي أخذ سطحها يبرد ويجمد شيئا فشيئا كجمرة النار إذا عرضتها للهواء ينطفئ خارجها ويبقى باطنها مشتعلا، وكان الهواء ممتدا بفعل الحرارة إلى بعد شاسع، والمياه بأسرها على حالة بخارية مختلطة بالهواء، ومثلها كل المواد القابلة التحول إلى بخار كالمعادن والكبريت والكربون وما شاكلها بنوع، والجو يومئذ في منتهى الكثافة لا تحرقه أشعة الشمس ... ويقسم العلماء تاريخ تكون الأرض إلى ستة عصور تعرف بالعصور الجيولوجية وهي العصر الأصلي ثم الانتقالي ثم الثانوي فالثالثي فالطوفاني وأخيرا العصر الحالي أو ما يعرف باللاحق للطوفان. يبتدئ العصر الأول من حين بردت الأرض وأخذت تكتسي بقشرة جامدة وهي حجر الصوان الشديد الصلابة، لا أثر فيه للنوابت ولا للحيوان، ولا يعلم كم دام هذا العصر بالتحديد، على أن بعضهم ومنهم العلامة ليل باستناده إلى تجارب حقلية ذكر أن الأرض مضى عليها نحو من ثلاثمائة مليون سنة منذ ما أخذت القشرة الأولى تجمد على سطحها. وأما بدء العصر
______________________________
(1) فصلنا المسائل الرئيسية في خلق الكون ونشأته في كتابنا (تفصيل النحاس والحديد في الكتاب المجيد)، وماهية التغييرات التي طرأت على هذه النظرية.
(2) الرتق في اللغة يعني الجزء الواحد ويطلق على القماش، والفتق يعني الانفصال - انظر مختار الصحاح ولسان العرب - .