كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 3)
الانتقالي فلم تكن القشرة الصوانية قد بلغت من السمك ما تقي الأرض عوارض الزعازع والزلازل والانشقاقات. ولا زالت العصور تتوالى على الأرض وتترك طبقات وآثارا حتى طرأ تغيير فجائي على وضع محور الأرض وقطبيها، فاندفعت على أثره المياه على سطحها اندفاعا عاما وحصل الطوفان، وانقرض على أثره كثير من الحيوانات إما بتأثير الغرق أو بلجوء بعضها إلى المغارات في أعالي الجبال فهلكت، وقد كشف العلماء كثيرا من تلك المغاور الحاوية عظاما عديدة من الوحوش الكواسر التي كانت قبل تلك الفاجعة .. وفي هذا العصر أخذ القطبان يكتسيان الجليد، مما يدل على تناقص عظيم في حرارة الأرض فجأة وليس تدريجيا لأن علماء الجيولوجيا استدلوا على ذلك من آثار فيلة الماموث صحيحة الجسم كشفوها وسط الجليد الشمالي فحكموا بحصول برد فجائي باغتها وقتلها قبل أن تتمكن من الهجرة إلى أقطار أخرى .. ولما استتبت السكينة على وجه الأرض بدأ العصر الحالي وهو السادس، وفيه ثبتت اليابسة وازداد الهواء نقاوة وأرسلت الشمس أشعتها فطاب النبات وأنس الحيوان وظهر بعدها الإنسان، على أن بعض الدلائل الجيولوجية وجدت آثارا للبشر قبل ذلك الطوفان)) «1».
2 - إن من أسماء اللّه تعالى الحسنى (البارئ) أي الخالق من العدم، وهو سبحانه من فلق كل شيء في هذا الكون من أصله بعد أن أوجده من العدم:
* إِنَّ اللَّهَ فالِقُ الْحَبِّ والنَّوى يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ ومُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ ذلِكُمُ اللَّهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (95) فالِقُ الْإِصْباحِ وجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَناً والشَّمْسَ والْقَمَرَ حُسْباناً ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (96)، (الأنعام) .. قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (1) (الفلق: 1).
3 - أن القرآن الكريم سبق علمنا الحاضر أيضا في أن الكون يتسع وسيعود إلى النهاية إما بالانفجار أو الطي، ثم يتكون كون جديد، وهكذا تبدو مسألة الخلق والإعادة ... كَما بَدَانا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ ... (الأنبياء: من الآية 104).
______________________________
(1) الإيجاز في آيات الإعجاز، (الطبيب الشيخ محمد أبي اليسر عابدين رحمه اللّه تعالى)، طبع دار البشائر، دمشق، سوريا وهو من مطبوعات مركز جمعة الماجد للثقافة والتراث بدبي، 1419 ه - 1999 م، ص 94 - 96، بتصرف.